من مر على أي واحد من المواقيت
التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أو حاذاه جوا أو برا أو بحرا وهو يريد الحج والعمرة وجب عليه الإحرام ,
وإذا كان لا يريد الحج والعمرة فلا يجب عليه أن يحرم ,
وإذا جاوزها بدون إرادة حج أو عمرة ثم أنشأ الحج أو العمرة من مكة
أو جدة فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة - مثلا -
أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرم أحرم من حيث أنشأ ,
وإن أنشأها من داخل الحرم فعليه أن يخرج إلى أدنى الحِلِّ ويحرم منه للعمرة .
أحرم النبي صلى الله عليه وسلم - أي أهلَّ بالنسك -
من ذي الحليفة ميقات أهل المدينة , وكذلك غسله - عليه الصلاة والسلام -
كان بذي الحليفة . ولم يحرم أو يغتسل للإحرام في المدينة .
جدة ميقات لأهل جدة والمقيمين بها إذا أرادوا حجا أو عمرة ,
وكذا من مر بها ممن لا يريد الحج والعمرة ثم بدا له الحج
أو العمرة وهو بها فإنه يحرم منها .
وأما جعل جدة ميقاتا بدلا من يلملم فلا أصل له ,
فمن مر على يلملم وترك الإحرام منه وأحرم من جدة وجب عليه دم ,
كمن جاوز سائر المواقيت وهو يريد حجا أو عمرة .
ميقات العمرة لمن كان بمكة الحلّ , بل قال المحب الطبري :
لا أعلم أحدا جعل مكة ميقاتا للعمرة . وحديث ابن عباس :
حتى أهل مكة من مكة يتعين حمله على القارن والمفرد للحج
دون المعتمرعمرة مفردة ; لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة
أن تحرم بعمرتها من التنعيم ,
وكانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرم .
وحديث ابن عباس عامٌّ وحديث عائشة خاصٌّ ,
ويتعين حمل العام على الخاص .
التنعيم والجعرانة من الحل , وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم
عائشة أن تحرم من التنعيم لأنه أدنى الحل , ومن أراد العمرة
ممن كان في الحرم فيلزمه الخروج إلى الحل - التنعيم أو غيرها
- ليحرم بالعمرة ، وإذا أحرم بالعمرة داخل الحرم لزمه دم .
يجب على أهل مصر والمغرب أن يحرموا من رابغ
أو مما يحاذيها جوا إذا سافروا بالطائرة ,
أو مما يحاذيها بحرا إذا سافروا بالبحر ,
وليس لهم أن يؤخروا الإحرام حتى يحرموا من جدة .
يجب على من جاء حاجا أو معتمرا بالطائرة أن يحرم حين يحاذي
أول ميقات يمر عليه , وإن نوى الدخول في الإحرام بالحج أو العمرة
ولبى قبل الميقات الذي سيمر عليه خشية أن يتجاوزه غير محرم فلا بأس .
أما التهيؤ للإحرام بتنظيف أو غسل أو ارتداء ملابس الإحرام
فيجوز في أي مكان .
العبرة في النيابة بالحج بميقات النائب عن غيره في الحج
على الصحيح من قولي العلماء ,
وعلى هذا فيجوز لمن كان بالباكستان أن ينيب رجلا من مكة ونحوها
من البلاد القريبة من الحرم .
إذا تجاوز الحاج أو المعتمر ميقات بلده بدون إحرام ,
ثم أحرم من ميقات بلد آخر غير ميقات بلده ,
فعليه دم لأنه تجاوز ميقات بلده وأحرم دونه .
بالنسبة للذين يقدمون عن طريق الجو إلى جدة ثم يبادرون للذهاب
إلى المدينة ثم يحرمون من ميقات أهل المدينة فلا حرج عليهم .
من جاء من خارج المواقيت لأداء عمل داخل منطقة المواقيت
ثم بدا له الحج أو العمرة فإنه يحرم من مكانه ,
أما من كان عازما على الحج والعمرة حين مروره بالميقات
فإن عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منه .
فإن لم يرجع وأحرم دون المواقيت فعليه دم .
من مر بالميقات وهو غير مريد للحج أو العمرة
فلا شيء عليه إذا لم يحرم .
وأجابوا من مر بالميقات (قرن المنازل- السيل)
وهو يريد الحج لكن له غرض يريد قضاءه في مكة ثم سافر إلى المدينة
وأحرم من ميقاتها بالحج : بأنه ما دام قد خرج إلى ميقات أهل المدينة
وأحرم منه , فلا شيء عليه في دخوله الحرم بلا إحرام ,
وكان الأولى له
أن يدخل من ميقات أهل نجد (قرن المنازل- السيل) محرما .
من ذهب إلى مكة وكان قصده الفرجة وحب الاستطلاع
لكنه أدى مناسك الحج ونواه عند الإحرام فحجه صحيح ,
وهذا قريب في الحكم ممن قصد التجارة مع الحج
غير أن له تأثيرا على مقدار ثوابه عن الحج ,
حيث نوى نية أخرى . وإن أعاد الحج احتياطا رغبة في عظم الثواب
فذلك أعظم لأجره وأتم لنسكه .
ومن كان قصده الفرجة فقط وإنما أدى أعماله ظاهرا ليستر مقصده
عمن معه فحجه غير صحيح , لأن النية ركن في الحج لا يصح بدونها ,
ويجب عليه الإعادة عند الاستطاعة .
أنواع الإحرام ثلاثة
الإحرام بالحج فقط ,
ومن حج مفردا فلا يجب عليه هدي .
الإحرام بالحج والعمرة معا ,
وهذا يسمى قارنا ويسمى أيضا متمتعا ,
ويجب على القارن هدي .
الإحرام بالعمرة في أشهر الحج ,
ويتحلل منها ثم يحج في نفس السنة , ويسمى من فعل هذا متمتعا ,
ويجب عليه هدي . ومن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج
وسبعة إذا رجع إلى وطنه أو محل إقامته .
وأفضل أنواع النسك الثلاثة :
التمتع بالعمرة إلى الحج .
عمرة التمتع هي التي يؤتى بها في أشهر الحج
( شوال وذو القَعْدة والعشر الأولى من ذي الحجة ) ثم يحج من عامه .
أما العمرة التي تكون في رمضان فلا يحصل بها نسك التمتع .
من أحرم متمتعا لا يجوز له أن يقلب تمتعه إلى الإفراد ,
فإن فعل ولم يكن حل إحرامه فإنه يكون قارنا ويلزمه هدي القران .
من نوى الحج والعمرة معا ثم حول نيته إلى الحج فقط ,
فإن كان تحويل النية قبل عقد الإحرام فلا شيء عليه ,
وإن كان بعد عقد الإحرام فلا يسقط ذلك عنه حكم القران , وعليه هدي .
من كان متمتعا فطاف للعمرة وهو محدث ثم حل من عمرته
وأحرم بالحج اليوم الثامن وأتم حجه ,
فإنه يعتبر قارنا لأنه أحرم بالحج قبل طواف العمرة
حيث إن طوافه للعمرة وهو محدث غير صحيح . وليس عليه دم .
من أحرم قارنا ثم أحل بعمرة ثم أحرم بالحج يوم الثامن فقد أحسن .
من أدى عمرة التمتع ثم اعتمر قبل الحج عن أحد
فلا شيء عليه ويكون متمتعا إذا أدى الحج .
من لبس لباس الإحرام , ولم ينو الدخول في النسك ,
فهو بالخيار إن شاء دخل وإن شاء لم يدخل ,
ولا حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام .
أما إذا نوى الدخول في النسك فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه ,
بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه الشرعي لقوله :
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
إلا أن يكون قد اشترط وحصل المانع الذي خاف منه فله أن يتحلل .
ومن دخل في الحج ثم نوى قطعه ثم عاد فإنه لا ينقطع بذلك ,
ولا فدية عليه إن أكمل حجّه ( ولم يفعل شيئا من المحظورات ) .
يكون التطيُّبُ للإحرام بعد الغسل وقبل الدخول في النسك .
يجوز لمن أحرم بالحج أو العمرة أن يلبس الحزام والحذاء ,
ولو كانا مخيطين بالماكينة .
من اغتسل وهو محرم للتبرد أو النظافة فلا شيء عليه .
الحيض لا يمنع من الحج , وعلى من تحرم وهي حائض
أن تأتي بأعمال الحج غير أنها لا تطوف بالبيت
إلا إذا انقطع حيضها واغتسلت , وهكذا النفساء ,
فإذا جاءت بأركان الحج فحجها صحيح .
حلق اللحية حرام , وإذا حلقها المحرم فعليه أن يذبح شاة
تجزئ في الأضحية في مكة في أي وقت ويوزعها على فقرائها
ولا يأكل منها , أو يطعم ستة مساكين ,
كل مسكين نصف صاع مما يطعم منه عادة , أو يصوم ثلاثة أيام ,
إلا أن يكون ناسيا أنه محرم حين حلقها
أو جاهلا تحريم الحلق في الإحرام فلا فدية عليه .
لا يجوز لمن يريد الإحرام بعد دخول عشر ذي الحجة
إذا كان يريد الأضحية أن يأخذ من شعره أو ظفره شيئا
إلا إذا فرغ من عمرته فإنه يشرع له الحلق أو التقصير .
من حكم مشروعية التجرد من المخيط ولبس الرداء والإزار :
تذكر أحوال الناس يوم البعث فإنهم يبعثون حفاة عراة ثم يكسون,
ومنها : إخضاع النفس , وإشعارها بوجوب التواضع ,
وتطهيرها من درن الكبرياء,
ومنها : إشعار النفس بمبدأ التقارب والمساواة والتقشف ,
والبعد عن الترف الممقوت , ومواساة الفقراء والمساكين ,
علما بأنه يجب على المسلم أن يمتثل أمر الله ابتغاء رضوانه
ولو لم يعلم الحكمة ; لأن الله لا يشرع شيئا إلا لحكم عظيمة ومصالح جمة .
إذا أحرم الحاج بملابسه المعتادة لدعاء الحاجة إلى ذلك بسبب برد
أو مرض ونحو ذلك , فهو مأذون له شرعا , وتجب عليه الفدية :
صيام ثلاثة أيام , أو إطعام ستة مساكين , لكل مسكين نصف صاع
من قوت البلد , أو ذبح شاة تجزئ أضحية ,
وكذلك الحكم إذا غطى رأسه , ويجزئ الصيام في كل مكان ,
أما الإطعام والشاة فإن محلها الحرم المكي .
هذا بالنسبة للإحرام بالحج , وكذلك لو أحرم بالعمرة فعليه فدية أخرى .
من أحرم بملابسه المعتادة فعليه فديتان : فدية عن لبس المخيط ,
وفدية عن تغطية الرأس . والفدية : ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين
أو صيام ثلاثة أيام إلا أن يكون جاهلا أو ناسيا للحكم الشرعي فلا فدية عليه .
من كلف بعمل أثناء حجه واحتاج إلى لبس ملابس خاصة غير ملابس الإحرام
- كالعسكريين مثلا - فله ذلك وحجه صحيح وعليه الفدية المذكورة سابقا .
لا يجوز للرجل لبس الشراب وهو محرم ,
فإن احتاج إلى لبسها لمرض ونحوه جاز وعليه الفدية المذكورة سابقا .
يجوز للمحرم أن يغتسل أثناء إحرامه للتبرد أو للنشاط ,
ويحرص على ألا يتساقط من شعره أو بشرته شيء أثناء الغسل .
يجوز للمحرم أن يغير ملابس الإحرام بملابس أخرى للإحرام ,
ولا أثر لهذا التغيير على إحرامه بالحج أو العمرة .
وأجابوا من أخبر أنه لمس طيب الكعبة عفوا ثم مسح به بدنه وملابسه :
بأن عليه الفدية المذكورة إلا أن يكون جاهلا بالحكم الشرعي
أو ناسيا فلا شيء عليه .
إذا جومعت المحرمة في العمرة قبل سعيها فقد فسدت عمرتها
وعليها دم وقضاء العمرة من الميقات الذي أحرمت منه بالعمرة الأولى .
أما إن كان بعد الطواف والسعي وقبل التقصير فالعمرة صحيحة
وعليها عن ذلك إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام .
القُبْلة حرام على من أحرم بالحج حتى يتحلل التحلل الكامل وذلك :
برمي جمرة العقبة , والحلق أو التقصير , وطواف الإفاضة ,
والسعي إن كان عليه سعي ; لأنه لا يزال في حكم الإحرام
الذي يحرِّم عليه النساء , ولا يفسد حج من قبّل امرأته
وأنزل بعد التحلل الأول , وعليه الاستغفار وأن يجبر ذلك بدم -
رأس من الغنم يجزئ في الأضحية يوزعه على فقراء الحرم .
لا يضر المحرم الاحتلام وليس عليه فدية ; لأنه ليس باختياره ,
وعليه الاغتسال إن رأى منيا .
تكشف المرأة وجهها ما دامت محرمة إلا إذا مر بها رجال أجانب
أو كانت في جمع فيه أجانب وخشيت أن يروا وجهها ,
فعليها أن تسدل خمارها على وجهها حتى لا يراه أحد منهم .
لا يجوز للمحرمة لبس النقاب ( وهو البرقع )
والقفازين حتى تتحلل التحلل الأول ,
ولا شيء على من تبرقعت في الإحرام جاهلة وإذا مر بها الأجانب
سترت وجهها بغير البرقع ويديها بغير القفازين كالعباءة ونحوها .
إذا كشفت المحرمة وجهها أثمت , وصح نُسُكُها .
يجوز للمرأة أن تحرم وبيدها أسورة ذهب أو خواتم ونحو ذلك ,
ويشرع لها ستر ذلك عن الأجانب خشية الفتنة بها .
يجوز للمرأة أن تأكل حبوبا لمنع العادة الشهرية عنها
أثناء أدائها للمناسك .
لا يجوز الطيب للمحرم رجلا كان أو امرأة .
لا شيء على المحرمة في تسريح شعرها
ومشطه إذا كان بغير الطيب .
كل ما صاده غير المحرم في الحل ودخل به الحرم ,
أو أخذه منه محرم بشراء أو هبة أو إرث فحلال للمحرم ,
ولمن في الحرم تملكه وذبحه وأكله في الحل والحرم ,
ومن أحرم وبيده صيد أو في منزله أو في قفص عنده
وقد ملكه قبل ذلك فحلال له , كما كان من قبل , فله ذبحه وأكله وبيعه ,
وإنما يحرم على المحرم ومن في الحرم ابتداء تصيده للصيد ,
وأخذ وأكل ما صيد من أجله فقط , فإن فعل فلا يملكه وإن ذبحه فهو ميتة .
إذا وطئ المحرم بسيارته شجرا أو حشيشا وهو في غير أرض الحرم
فلا شيء عليه إلا قيمة ما أتلفه لمالكه إذا كان مملوكا ,
وإن كان في الحرم فعليه قيمة ما أتلفه لمالكه إن كان مملوكا ,
وإن لم يكن مملوكا لأحد فلا شيء عليه ,
ولا ينبغي له تعمد ذلك لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
ليست هناك خصوصية لحمام مكة ولا حمام المدينة ,
سوى أنه لا يصاد ولا ينفر ما دام في حدود الحرم .
لا حرج على المزارع في إزالة الأشجار المؤذية للمصلحة
إذا لم تكن في الحرمين , فإن كانت في الحرمين
فلا يزيلها إذا لم يكن هو الذي غرسها أو زرعها .
ليس على المحرم حرج ولا فدية في إزالة الأشجار
أو قطعها في عرفة لأنها خارج حدود الحرم .
السنة لداخل الحرم ولا سيما المحرم
البدء بالطواف إن تيسر له ذلك .
المشروع السعي للحج بعد طواف الإفاضة لكن لو سعى الحاج
ثم طاف ناويا طواف الحج والوداع ثم سافر فلا شيء عليه .
إذا أدى المتمتع العمرة فإنه يُحِلّ من إحرامه ويلبس ملابسه العادية
ويباح له ما كان ممنوعا منه بالإحرام , كالحلق وتقليم الأظفار
ولبس المخيط وصيد البر وعقد النكاح والجماع ودواعيه ،
ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن .
السنة المبيت ليلة اليوم التاسع في منى ,
ولا حرج في ترك المبيت في منى تلك الليلة .
الأفضل للحاج أن يذهب من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس
من اليوم التاسع , ولو ذهب قبل ذلك فلا حرج عليه .
ليس صحيحا أنه إذا كان يوم عرفة يوم جمعة
أن الحجة تعدل سبع حجج أو سبعين .
من وقف بعرفة ثم أغمي عليه , وفعل بعض المناسك
وهو في شبه إغماء : فحجه صحيح إذا أدى جميع المناسك .
لا يتنفَّل الحاج بعد صلاته الظهر والعصر جمعا بعرفة حتى المغرب .
لا يشرع للحاج صعود جبل عرفات , المسمى جبل الرحمة
ولا الصلاة عليه ; بل هو بدعة، والذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم
أنه وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار .
من كان معه ضعفة جاز له الانصراف
من مزدلفة بعد نصف الليل .
من أفاض من عرفة قبل غروب الشمس : فعليه دم لترك واجب .
من لم يقف بمزدلفة بسبب الزحام حتى طلعت الشمس
فلا شيء عليه لأنه معذور .
تبدأ مزدلفة غربا من وادي محسر وتنتهي شرقا بأول المأزمين من جهتها
وقدر ما بينهما (سبعة آلاف وسبعمائة وثمانون ذراعا ,
وأربعة أسباع الذراع).
من خرج من مزدلفة قبل منتصف الليل فرمى جمرة العقبة
أو طاف طواف الحج وسعيه فإن ذلك لا يجزئه وعليه إعادتها ,
أما الطواف والسعي فليس لإعادتهما وقت محدود
إنما الواجب البدار بذلك بعد العلم ,
وأما الرمي : فمن لم يُعِدْه حتى انتهت أيام التشريق فعليه هدي .
أعمال يوم النحر ثلاثة للمفرد هي :
رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير ,
وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم ,
وأما المتمتع والقارن
فيزيد بذبح الهدي , ويزيد المتمتع سعيا بعد طواف الإفاضة .
وهذه الأعمال تكون مرتبة :
الرمي فالذبح فالحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي .
هذا هو الأفضل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم ,
وسئل عن ترتيب هذه الأمور , ومن قدم بعضها على بعض
فقال : افعل ولا حرج .
ومن فعل اثنين سوى الذبح حصل بذلك التحلل الأول ,
وبذلك يحل له كل ما حرم عليه بالإحرام ما عدا النساء ,
وإذا فعل الثلاثة حل له كل شيء حرم عليه حتى النساء .
وأما الحديث الذي يدل على أن من لم يطف طواف الإفاضة يوم العيد
حتى غربت الشمس فإنه يعود محرما كما كان فهو حديث ضعيف ,
وقال البيهقي : لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا القول .
لا يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني أو الثالث
من أيام التشريق بدون عذر , ومن أخرها إلى أيام التشريق بلا عذر :
فقد خالف السنة , وحرم من بعض أجر نسكه .
الواجب تعميم الرأس كله بالحلق أو التقصير في حج أو عمرة ,
ولا يلزمه أن يأخذ من كل شعرة بعينها .
من قَصّر من مقدم رأسه جاهلا ثم حل من إحرامه
فإن ذلك لا يجزئه ,
ويجب عليه أن يتجرد من المخيط ويلبس الإزار
ويكشف رأسه حتى يحلق أو يقصر من جميع الرأس بنية التحلل .
فإن كان جامع زوجته في هذه الفترة
فعليه دم يذبح بمكة ويوزع على فقراء الحرم ,
فإن لم يستطع فيصوم عشرة أيام .
يوم الحج الأكبر هو يوم النحر ,
سمي بذلك لما في ليلته من الوقوف بعرفة ,
والمبيت بالمشعر الحرام , والرمي في نهاره ,
والنحر والحلق والطواف والسعي من أعمال الحج .
ليس على الحجاج صلاة عيد الأضحى ,
ومن صلاها منهم مع الناس فهو مأجور .
التحلل من الإحرام بالحج للرجل والمرأة يكون بعد رمي جمرة العقبة ,
وحلق الرجل رأسه , أو تقصيره شعره , وليس للمرأة إلا التقصير ,
فيحل لكل منهما بذلك كل شيء كان محرما عليهما بالإحرام إلا الجماع ,
أما التحلل الأكبر فيكون بالفراغ من طواف الإفاضة والسعي
إذا كان عليه سعي ,
فيحل لهما كل شيء كان محرما عليهما بالإحرام حتى الجماع .
وأما التحلل من العمرة فيكون لكل من الرجل والمرأة بعد الفراغ
من الطواف والسعي والحلق أو التقصير , وليس للمرأة إلا التقصير .
والقارن حكمه في التحلل حكم المفرد .
لا يستحب للحاج الحلق أو التقصير بعد تحلله التحلل الأكبر
( التحلل الثاني )
بعد أن حلق أو قصر شعره في التحلل الأول .
أنواع الطواف حول الكعبة كثيرة :
منها : طواف الإفاضة في الحج , ويسمى أيضا طواف الزيارة ,
ويكون بعد الوقوف بعرفات يوم عيد الأضحى أو بعده ,
وهو ركن من أركان الحج .
ومنها : طواف القدوم للحج , ويكون للمفرد والقارن حينما يصل إلى الكعبة ,
وهو واجب من واجبات الحج , أو سنة من سننه على خلاف بين العلماء .
ومنها : طواف العمرة , وهو ركن من أركانها لا تصح بدونه .
ومنها : طواف الوداع , ويكون بعد انتهاء أعمال الحج
والعزم على الخروج من مكة المكرمة , وهو واجب على الصحيح
من قولي العلماء على كل حاج ما عدا الحائض والنفساء ,
فمن تركه وجب عليه دم .
ومنها : الطواف وفاء بنذر من نذر الطواف بها , وهو واجب من أجل النذر .
ومنها : الطواف تطوعا .
وكل منها : سبعة أشواط , يصلي الطائف بعدها ركعتين خلف مقام إبراهيم
إذا تيسر ذلك , فإن لم يتيسر صلاهما في بقية المسجد .
يسن للطائف التكبير عند نهاية الشوط الأخير لأنه ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر في طوافه كلما حاذى الحجر الأسود .
يسن الاضطباع في الأشواط كلها , في طواف القدوم خاصة .
كما يشرع الرَّمَل (وهو الهرولة) في الأشواط الثلاثة الأولى
من طواف القدوم للحاج والمعتمر ,
وإذا لم يمكنه في الثلاثة الأولى الرمل فيها سقط عنه .
قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء
حول البيت ولا بين الصفا والمروة , وليس عليهن اضطباع ,
وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد , ولا يقصد ذلك في النساء ,
لأن النساء يقصد فيهن الستر , وفي الرمل والاضطباع تَعَرُّض للكشف .
يبدأ وقت طواف الإفاضة بعد منتصف الليل من ليلة النحر للضعفة
ومن في حكمهم , وليس لنهايته وقت محدود ,
لكن الأولى المبادرة قدر الاستطاعة، مع مراعاة الرفق بالنفس ,
وتحين الأوقات التي يكون فيها المطاف خفيفا حتى لا يؤذي ولا يؤذى .
يشرع تقبيل الحجر الأسود دون غيره من الكعبة المشرفة ,
وهو سنة مؤكدة إن تيسر فعلها بلا مزاحمة أو إيذاء ,
وإلا تعين الترك في حق الرجال , والنساء من باب أولى ,
كما لا يجوز لهن التكشف أثناء التقبيل إذا وجد عندها أحد من الرجال الأجانب .
إذا توقف الطائف أثناء الشوط لأداء الصلاة المفروضة ,
أتم الشوط بعد الصلاة من حيث وقف , ولا يلزمه إعادة الشوط من بدايته .
من طاف بعض الأشواط في صحن الحرم وبعضها في الدور العلوي
لأجل الزحام فلا شيء عليه . وكذا من طافها جميعا في الدور العلوي لأجل الزحام .
لا بأس بالشرب والكلام أثناء الطواف .
لا يجوز للطائف بالبيت فرضا أو نفلا أن يدخل من حجر إسماعيل ,
ولا يجزئه ذلك لو فعله لأن الحجر من البيت .
ومن فعل ذلك في طواف الحج لم يجزئه ذلك الطواف ولا بد له من الإعادة .
أما من فعله في طواف الوداع فعليه دم .
ومن فعله في طواف نافلة فلا شيء عليه [والطواف غير صحيح] .
من مرض فلم يستطع طواف الإفاضة ثم سافر إلى بلده لزمه الرجوع
فورا لأداء طواف الإفاضة الذي لا يصح الحج بدونه , ولا تجزئ فيه الاستنابة .
الطواف بالكعبة لا يقبل النيابة , فلا يطوف أحد عن غيره
إلا إذا كان حاجا عنه أو معتمرا , فينوب عنه فيه تبعا لجملة الحج والعمرة .
من اغتسل للإحرام ولم يتوضأ ثم طاف للعمرة دون وضوء
وأتم عمرته , فإنه يعتبر باقيا على إحرامه ,
وعليه الإسراع لأداء العمرة مرة أخرى على طهارة ,
إلا إن كان قد جامع زوجته فإن العمرة تكون فاسدة ,
وعليه أن يقضيها كما ذكر ثم يعتمر عمرة أخرى بدلا منها من الميقات
الذي أحرم بالأولى منه وعليه مع ذلك دم لفقراء الحرم .
من نظر أو فكر فخرج منه شيء لا يدري أهو مذي أو مني
لكونه يجهل الفرق بينهما فتوضأ وطاف وصلى ;
فطوافه صحيح لأنه لم يجزم بأن الذي خرج منه مني ,
والأصل السلامة وصحة العبادة .
من أشكل عليه وهو يطوف هل خرج منه ريح أو لا ؟
ولم يسمع صوتا ولم يشم ريحا فإن الأصل بقاء طهارته ,
والشك لا يرفع حكم الطهارة .
من توضأ ثم أشكل عليه هل نام بعده أو لا ؟
فإن الأصل بقاء الطهارة ,
فلو صلى بذلك أو طاف فعمله صحيح .
الطواف بالبيت كالصلاة , فيشترط له ما يشترط لها
إلا أنه أبيح في الطواف الكلام , فالطهارة شرط الطواف ,
فلا يصح من الحائض الطواف حتى تطهر ثم تغتسل .
من أتم أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة ثم مات قبل ذلك لا يطاف عنه ,
لحديث الرجل الذي وقصته راحلته فمات , فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم
بالطواف عنه بل أخبر أنه يبعث يوم القيامة ملبيا .
من جامع زوجته قبل التحلل الثاني فعليه دم يذبح بمكة ويوزع على فقرائها .
من طاف للحج ونسي شوطا وطال الفصل : فإنه يعيد الطواف .
وإن كان الفصل قريبا أتى بالشوط الذي نسيه .
إذا طاف الحاج للإفاضة وجعله آخر حجه ليجزئه عن الوداع
وسافر بعده وكان قد انتهى من رمي الجمرات،
فإنه يكفيه عنهما .
صفة السعي : أن يرقى على الصفا إن تيسر له ,
أو يقف عنده ويقرأ قول الله : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ الآية .
ويقول : أبدأ بما بدأ الله به . ويستحب أن يستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره
ويقول : (لا إله إلا الله والله أكبر , لا إله إلا الله وحده لا شريك له ,
له الملك وله الحمد , يحيي ويميت , وهو على كل شيء قدير ,
لا إله إلا الله وحده ; أنجز وعده , ونصر عبده , وهزم الأحزاب وحده)
ثم يدعو رافعا يديه بما تيسر من الدعاء .
ويكرر هذا والدعاء ثلاث مرات ,
ويفعل على المروة كذلك ما عدا قراءة الآية فإنه لا يكررها ,
وإنما يقرؤها في مبدأ الشوط الأول .
من بدأ السعي بالمروة فإنه يلزمه أن يأتي بشوط ثامن لأن الأول
يعتبر ملغى لوقوعه على غير الصفة الشرعية .
من سعى أربعة عشر شوطا جاهلا فلا شيء عليه ويجزئه منها السبعة الأولى .
من عجز عن السعي ماشيا وشق عليه مشقة خارجة عن المعتاد
جاز له ركوب العربة للسعي .
من نسي سعي الحج لزمه أن يأتي به .
من طاف للإفاضة وأخر السعي إلى ما بعد أيام التشريق ,
فسعيه صحيح لأنه ليس من شروط صحته أن يكون متصلا بالطواف
لكن من الكمال أن يكون بعد الطواف متصلا به ,
تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم .
السنة أن يكون السعي متصلا بالطواف بقدر الاستطاعة ,
فإن أخر السعي كثيرا ثم سعى أجزأه .
من سعى محدثا فلا شيء عليه لأن الطهارة لا تشترط للسعي .
من وادي محسر شرقا إلى جمرة العقبة غربا ,
وعلى من حج أن يلتمس مكانا له داخل حدود منى ,
فإن تعذر عليه حصول المكان نزل في أقرب مكان يلي منى ولا شيء عليه .
المدة التي يجب على الحاج أن يمكثها في منى بعد يوم النحر يومان هما :
الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة , أما اليوم الثالث عشر
فغير واجب المكث في منى , ولا رمي الجمرات بل يستحب،
إلا إذا غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر وهو في منى فيجب عليه
المبيت ليلة الثالث عشر ثم رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال .
من لم يتيسر له النزول في منى نزل في أقرب مكان إليها
وجاز له أن يبيت فيه ليالي منى , وإذا غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر
وهو بمكانه ذلك لم يجب عليه المبيت ولا الرمي يوم الثالث عشر .
ليست العزيزية من منى بل يفصل بينهما جبل .
من ترك المبيت ليلة المزدلفة (ليلة العيد)
وفي منى أيام التشريق لغير عذر أثم , ووجب عليه دم
: شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة , يذبح بمكة لفقراء الحرم ,
فإن لم يستطع صام عشرة أيام .
ترك المبيت أيام التشريق للرعاة والسقاة
ومن في حكمهم جائز ولا شيء عليهم .
من رمى الجمار أول أيام التشريق
(وهو يوم الحادي عشر) قبل الزوال وجب عليه أن يعيدها بعد الزوال ,
فإن لم يعلم إلا في اليوم الثاني أو الثالث أعاد رميها بعد الزوال في اليوم الثاني
أو الثالث : من أيام التشريق قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه ,
فإن لم يعلم إلا بعد غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق لم يرم وعليه دم .
من زاد على السبع حصيات في رمي الجمرة فقد أجزأه الرمي وأساء في الزيادة .
المطلوب في رمي الجمار أن تقع في الحوض , وإصابة الشاخص ليست مطلوبة .
يجب الترتيب في رمي الجمرات بأن يبتدئ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ,
فإن خالف الحاج وجبت الإعادة , فإذا لم يعد أيام منى فعليه دم .
من رمى العمود (الشاخص) ولم تقع الحصيات في الحوض ,
فرميه غير صحيح وتجب عليه الإعادة , فإن فات الوقت فعليه دم ،
ولا تجوز الصدقة بالمال بدل الدم .
إذا رمى أحد الجمرة الصغرى ثم زحم فأخر رمي الباقي إلى الليل مثلا ,
فلا شيء عليه ورميه صحيح .
أخذ الحجارة في رمي الجمرات من داخل الحوض والرمي بها لا يجزئ ;
لأنها مستعملة .
من رمى حصى الجمار دفعة واحدة بضربة واحدة فإن ذلك لا يجزئه
في رمي الجمار , ويعتبر كأنما رمى بحصاة واحدة .
يرجى أن يكون الذي مات في زحام الجمرات شهيدا ;
لكونه مات بسبب الزحمة المشبهة لميت لهدم .
من أخر رمي الجمار في اليوم الحادي عشر حتى أدركه الليل ,
وتأخيره لعذر شرعي , ورمى الجمار ليلا فليس عليه في ذلك شيء ,
وهكذا من أخره في اليوم الثاني عشر فرماه ليلا أجزأه ذلك ولا شيء عليه ,
وعليه تلك الليلة المبيت في منى , والرمي لليوم الثالث عشر
بعد الزوال لكونه لم ينفر في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس .
والأحوط للحاج أن يجتهد في الرمي نهارا .
المرأة المعذورة بحمل أو كِبَر أو نحو ذلك تجوز النيابة عنها ,
ولا إشكال في ذلك , والذي يرمي عنها لا ينوب عنها إلا بإذنها قبل الرمي عنها .
فيرمي عن نفسه ثم يرمي عنها والنائب يكون من الحجاج .
وكذا تجوز النيابة عن القوية لو حصلت مشقة غير مألوفة .
تجوز النيابة في رمي الجمار عن العاجز الذي لا يقوى على مباشرة
الرمي بنفسه , كالصبي والمريض وكبير السن ,
إذا كان النائب من الحجاج ذلك العام وقد رمى عن نفسه .
من وكل آخر في الرمي عنه ففرَّط الوكيل فلم يرم , لزم الموكل دم ,
وله مطالبة الوكيل بقيمة الدم ; لكونه المتسبب في ترك الرمي .
من وكل في رمي جمراته أيام التشريق أو أحدها ونفر يوم النحر
يعتبر مخطئا مستهزئا بشعائر الله , ومن يوكل في رمي الجمرات
اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق ويطوف طواف الوداع
ليتعجل بالسفر فقد خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم , ويلزمه دم ,
عن ترك المبيت , ودم عن ترك الرمي الذي وكل فيه ,
ودم ثالث عن طواف الوداع , حتى ولو طاف لأن طوافه للوداع
وقع في غير وقته ; لأن طواف الوداع إنما يكون بعد انتهاء رمي الجمرات .
فإن لم يستطع الدم صام عن كل فدية عشرة أيام .
من رمى الجمرات في اليوم الثاني عشر ثم طاف للوداع ,
ثم اضطر للعودة إلى منى للبحث عن الرفقة , فبات بها ليلة الثالث عشر ,
فلا يلزمه الرمي ذلك اليوم ; لكونه نفر من منى بنية الرحيل
قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر .
من نقص حصاة من رمي إحدى الجمار فلا شيء عليه .
المراد بالأيام المعدودات في قوله : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ
أيام التشريق الثلاثة : الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر
فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أي فمن نفر اليوم الثاني عشر بعد رمي جمراته
وقبل الغروب فقد تعجل , ومن بقي إلى أن يرمي جمرات
اليوم الثالث عشر فقد تأخر , وذلك أفضل .
لا يحرم البيع ولا الشراء بعد طواف الوداع ,
لكن لو ودع الحاج ثم تأخر كثيرا عرفا : شرع أن يعيد الطواف .
يشرع للمعتمر - ولا سيما إن أقام بمكة بعد عمرته -
أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة ,
ولا يلزمه ذلك على الصحيح من قولي العلماء .
وفي وجوبه على المعتمر اختلاف ,
ولكن الأحوط له الطواف للوداع عملا بعموم السنة .
تعفى الحائض والنفساء من طواف الوداع إذا أدركها ذلك
وقت خروجها من مكة .
لا يلزم المودِّع الخروج من الباب المسمى باب الوداع ,
ولا يلزم القادم أن يدخل من باب السلام .
من ترك الطواف لعذر غير الحيض والنفاس لزمه دم .
إذا لم يطف الحاج للإفاضة إلا عند انصرافه من مكة ,
واكتفى به عن طواف الوداع كفاه حتى ولو وقع بعده سعي
كما لو كان متمتعا , وإن طاف طوافا ثانيا للوداع فذلك خير وأفضل .
الوداع هو آخر أعمال الحج فلا يجوز أن يتقدم على شيء منها كالرمي مثلا .
من كان مقيما بجدة لزمه طواف الوداع قبل الخروج إليها ,
حتى وإن كان سيسافر بعد أشهر إلى بلده الأصلي ,
ولا يجوز له أن يسافر إلى جدة قبل الطواف ثم يعود للطواف
إذا أراد السفر إلى بلده الأصلي , فإن فعل فعليه دم .
من طاف للوداع محدثا وجب عليه إعادته ما دام في مكة ,
فإن سافر فعليه دم يذبح في مكة للفقراء .
من طاف للوداع ثم اضطر للمبيت فسافر صباحا فلا شيء عليه ,
وإعادة الطواف في هذه الحال أحوط .
من طاف للوداع ثم خرج إلى مكان حجز السيارات فبات به :
فلا شيء عليه , لأن مكان الحجز حاليا خارج مكة ,
ولو دخل بعد ذلك للبحث عن رفقائه مثلا فلا يلزمه
لا إحرام عند الدخول ولا طواف وداع عند الخروج .
من خرج إلى جدة لحاجة اليوم الثاني عشر
وهو ينوي الرجوع ليبيت ليلة الثالث عشر ويرمي ثم يطوف للوداع
ورجع فأدى ذلك كله : فلا شيء عليه .
العمرة في الإسلام واجبة , مرة في العمر ,
على أهل مكة وغيرهم .
وأما الإحرام بالعمرة لمن كان داخل الحرم فمن الحل كالتنعيم والجعرانة ونحوهما .
يجوز أداء العمرة في جميع أيام السنة حتى في أشهر الحج ,
وإذا أداها في أشهر الحج وحج بعدها من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج ,
وإذا أداها مع حجه كان قارنا , وعلى المتمتع والقارن هدي
إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام ، وإذا أداها الحاج في ذي الحجة
بعد أيام التشريق جاز , ولا هدي عليه .
وسئلوا عن معتمر سعى قبل الطواف جاهلا فأجابوا :
بأنه ليس عليه إعادة السعي
لما روى أبو داود بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال :
خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجا فكان الناس يأتونه ,
فمن قائل : يا رسول الله , سعيت قبل أن أطوف ,
أو قدمت شيئا وأخرت شيئا , فكان يقول :
لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم
وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك .
من أحرمت بالعمرة ثم حاضت فحلت من إحرامها قبل أن تطوف وتسعى
, فإن كانت جاهلة ولم يجامعها زوجها وجب أن تكمل عمرتها
بعد انقطاع حيضها واغتسالها ولا شيء عليها،
وإن حصل جماع بطلت عمرتها , وعليها أن تكملها بالطواف والسعي
والتقصير , ووجب عليها أن تقضيها , فتأتي بعمرة بدلها من الميقات
الذي أحرمت بالأولى منه وعليها دم . أما إن كانت لم تحل من عمرتها
فعليها أن تتم عمرتها ولا شيء عليها , ولا تبطل عمرتها بالحيض على كل حال .
الواجب أن يعم الرأس بالحلق أو التقصير .
من لم يكن في رأسه شعر لكونه حلق قريبا فلا شيء عليه .
من أحرم بالعمرة في آخر رمضان , ولم يؤد العمرة إلا في أول ليلة
من شوال , ثم تحلل منها ثم حج من عامه لم يعتبر متمتعا
لأن إحرامه بالعمرة كان في غير أشهر الحج .
من مر بالميقات فلم يحرم وأحرم من جدة , ثم اعتمر وتحلل ,
ثم خرج إلى الميقات واعتمر مرة أخرى فعليه دم للعمرة الأولى
لتفويته الإحرام من الميقات ,
ولا تُسقط العمرة الثانية الدم الواجب في العمرة الأولى .
الصحيح أنه يجوز تكرار العمرة في السنة عدة مرات
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما
ولم يرد نص في تحديد فترة بين العمرة والتي تليها .
يشرع للمعتمر - ولا سيما إن أقام بمكة بعد عمرته -
أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة ,
ولا يلزمه ذلك على الصحيح من قولي العلماء .
من أدى العمرة من الميقات فإنه يجوز له أن يأتي بعمرة ثانية
من الميقات أو من أي مكان من الحل سواء كانت العمرة الثانية له
أو لغيره إذا كان ميتا أو عاجزا .
من نذر أن يعتمر بوالدته يوم العيد من كل عام جاز له
أن يعتمر بها في رمضان ;
لأنه أفضل من الوقت المنذور , كما لو نذر أن يصلي في المسجد الأقصى
فصلى في المسجد الحرام أو المسجد النبوي , لكونه أداها في مكان أفضل .
أما لو امتنعت أمه من العمرة فإنه لا شيء عليه أيضا
لكونه أدى ما عليه وحصل الامتناع من غيره .
فدية ترك الواجب
الأصل في إيجاب الدم على من ترك واجبا
أثر ابن عباس : من ترك نسكا أو نسيه فعليه دم .
من ترك عدة واجبات : لزمه لكل واجب دم ,
كمن ترك الإحرام بالميقات والمبيت بالمزدلفة
لزمه دمان مما يجزئ أضحية ,
يذبحه في الحرم ويفرقه على الفقراء فيه ,
فإن لم يستطع صام عشرة أيام عن كل دم .
والدم : إما سُبْع بدنة , أو سُبْع بقرة , أو شاة , تجزي أضحية .
ولا يجوز إخراج قيمة الدم نقودا ;
لأن إخراج النقود يخالف ما أمر الله به .
من وجب عليه دم لترك واجب , وهو لا يستطيعه :
فإنه يصوم عشرة أيام : ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله .
ويبدأ وقت ذبح الدم لترك واجب من أول ترك الواجب
سواء كان قبل العيد أو بعده , ولا حد لآخره ,
ولكن تعجيله بعد وجوبه مع الاستطاعة واجب ,
ولو أخره حتى وصل إلى بلده لم يجزئ ذبحه في بلاده ,
بل عليه أن يبعث ذلك إلى الحرم , ويشتريه من هناك ويذبحه في الحرم ,
ويوزع على فقراء الحرم ,
ويجوز أن يوكل من يقوم بذلك نيابة عنه من الثقات .
من اعتمر في أشهر الحج ثم عاد إلى بلده
ثم حج من عامه فجمهور الفقهاء على أنه ليس عليه هدي ;
لأنه لم يتمتع بالعمرة إلى الحج في سفرة واحدة
والفتوى والعمل جاريان على هذا القول .
من اعتمر في أشهر الحج عن نفسه , ثم حج عن غيره في عامه
فهو متمتع وعليه هدي , حتى وإن كان بعد العمرة
غير عازم على الحج ثم حج في العام نفسه .
من اعتمر في أشهر الحج ثم ذهب إلى جدة أو المدينة للزيارة
أو العمل أو لحاجة ثم حج من عامه فهو متمتع وعليه هدي ,
ولو كان أحرم بالحج مفردا , وذهابه إلى جدة لا يقطع تمتعه
على الصحيح من أقوال العلماء .
من فقد ماله في الحج فتبرع له رجل بهدي التمتع بإذنه فإن ذلك مجزئ .
من كان متمتعا أو قارنا ولجهله ضحى ولم يهد وجب عليه
أن يذبح هديا بمكة وله أن يأكل منه , وله أن يُوَكِّل من يذبح عنه ,
ولا تجزئ الأضحية عن الهدي .
من ترك هدي التمتع والقران وجب عليه قضاؤه , فيذبح بمكة ,
أو يوكل من يقوم بذلك , فإن لم يستطع صام عشرة أيام مجتمعة
أو متفرقة , والواجب المبادرة في ذلك .
من ذبح هديا واحدا عنه وعن زوجته ظنا منه أن الهدي كالأضحية
التي تجزئ الواحدة عن الرجل وأهل بيته ,
فإن عليه أن يذبح ثانية عنه وعن زوجته معا .
من حج ومعه زوجته وهما متمتعان وشك هل نسك بشاة أو شاتين
وجب عليه أن يذبح أخرى من الغنم أو سبع بقرة أو سبع بدنة
لأن المشكوك فيها لاغية , ويجب أن تذبح بمكة
أو أي مكان من الحرم بنية أنها عمن لم يذبح عنه منهما .
يجب ذبح هدي التمتع والقران وكذا الأضحية في وقته المحدد ,
وهو أيام الذبح (يوم العيد وثلاثة أيام بعده) أما ما وجب لترك واجب ,
أو فعل محظور , أو كان صدقة فيذبح بعد وجود سببه ,
سواء كان في أيام الذبح أو قبلها أو بعدها ,
مع وجوب المبادرة إلى أداء الواجب , ويجوز تأخيره عن وقت وجود سببه .
من تعذر عليه الهدي أيام التشريق لذهاب النفقة ,
وكان يرجو أن يجدها فإنه يذبح الهدي إذا وجد النفقة ولو بعد أن يرجع
إلى بلده يذبحه بمكة وله أن يأكل منه , ويطعم الفقراء ,
وإن عجز عن ثمنه صام عشرة أيام بدله .
من لم يذبح هدي التمتع في الوقت المحدد لعجزه ,
ثم استطاع بعد ذلك فعليه أن يذبحه قبل أن يصوم قضاء
لا أداء في أي وقت بمكة ,
وعليه أن يتوب إن كان تعمد التأخير أو تساهل في ذلك .
دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزئ من الضأن ما تم له ستة أشهر ,
ومن المعز ما تم له سنة , ومن البقر ما تم له سنتان ,
ومن الإبل ما تم له خمس سنين , وما كان دون ذلك
فلا يجزئ هديا ولا أضحية ولا عقيقة .
ويشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية
فلا تجزئ العوراء البين عورها , ولا المريضة البين مرضها ,
ولا العرجاء البين عرجها , ولا الهزيلة التي لا تنقي .
من حج قارنا جاز له سوق الهدي من ميقات إحرامه أو قبله أو بعده ,
وأن يشتريه من بلده , وأن يشتريه من عرفات .
تجزئ البدنة عن سبعة وكذا البقرة , وأما الشاة فعن واحد .
ويجزئ سُبْع البدنة أو سُبْع البقرة هديا ممن تمتع بالعمرة إلى الحج
أو كان قارنا , وكذلك يجزئ في الأضحية .
والسنة أن كلا من الذي يذبح أضحية أو هدي التمتع والقران ,
أو الهدي الذي يساق من الحل إلى الحرم :
أن يأكل ثلثا , ويتصدق على الفقراء بثلث , ويهدي ثلثا .
وإن أكل أكثر من الثلث جاز . من (380 , 385)
وسئلوا أيهما أفضل : سبع البدنة والبقرة أو الشاة ,
فأجابوا : بأن التفاضل بين ما يتقرب به العبد إلى ربه من النسك
يرجع إلى التقارب بينها في حقائقها وقيمتها قدرا وطيبا
وما يقوم بقلب المتقرب من القصد .
واشتراك السبعة في البدنة أو البقرة جائز
سواء كان هناك عذر أم لم يكن هناك عذر .
محل هدي التمتع والقران داخل الحرم ,
ولا يجوز ذبحه في بلد الحاج غير مكة ,
إلا إذا عطب الهدي المهدى إلى مكة قبل وصوله إليها فإنه يذبحه في مكانه
ويجزئ عنه . وكذلك في المحصر عن دخول الحرم ينحر هديه حيث أُحْصِر .
الدم الواجب غير هدي التمتع والقران ; كالفدية من الأذى ,
ودم جبران النسك , ودم جزاء الصيد , ودم المنذور ونحوها ,
لا يجوز لمن وجبت عليه الأكل منها , وإنما يتصدق بها على الفقراء ,
وما وجب منها في الحرم أو الإحرام فهو لفقراء الحرم .
من ذبح هديه ثم أفسده , أو أتلف جزءا منه :
فإن هديه صحيح ولا يفسد بعدم توزيعه على الفقراء ;
بل يجزئ ولو لم يوزع , لكن الأحوط أن يتولى توزيعه من أهداه ,
أو وكيله محافظة على الانتفاع به .
من وكل رجلا في ذبح الهدي ونسي الموكل إخبار الوكيل
باسم صاحب الهدي
أو نسي الوكيل الاسم فإنه لا يضر ;
لأنه يكفي أن يذبحها الوكيل بالنية عمن سلمها إليه .
ولا يجزئ دفع الثمن عن الهدي .
من فقد ماله في الحج فلم يستطع الهدي وأراد الصيام
فعجز عنه لمرض ألمّ به حتى رجع , وجب عليه أن يصوم عشرة أيام
بعد شفائه في بلده أو غيره , ولا شيء عليه سوى هذا ,
إلا أن يكون قادرا على الهدي في بلده , فلا يجزئه الصوم،
وعليه أن يذبح الهدي في مكة بنفسه أو وكيل ثقة .
من لزمه هدي تمتع أو قران فلم يجده وقت الذبح لعذر شرعي ,
وقد فاتت عليه أيام الحج التي يصوم فيها من لم يجد الهدي ثلاثة أيام ,
فإنه يصوم عشرة أيام كاملة إذا رجع إلى أهله ,
ولا يلزمه التأخُّرُ بمكة حتى يصوم الثلاثة ; لأن وقتها قد فات .
ويجوز أن تصام الأيام السبعة المذكورة في قوله :
وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ متتالية أو متفرقة .
وليس على من نسي يوما من الأيام الثلاثة شيء
إذا صامه بعد رجوعه إلى أهله .
من وجب عليه الصيام ; لعدم القدرة على ثمن الهدي ,
ثم قدر على ثمنه بعد رجوعه وقبل الصيام :
وجب عليه الهدي , يذبحه بمكة بنفسه ,
أو وكيل ثقة , ويسقط عنه الصيام .
حاضرو المسجد الحرام اختلف العلماء فيهم ,
والراجح : أنهم أهل الحرم .
من اشترط في إحرامه أن محلي حيث حبستني ,
فحُبس بمرض أو ضياع أو فقد نفقة فحل فلا شيء عليه .
سئلت اللجنة عن محرم أصابه حادث - أنجاه الله منه -
وهو متجه إلى عرفة فقطع إحرامه ,
فأجابت اللجنة : بأن الواجب عليه أن يستمر حتى يقضي المناسك ,
ولا يتركها لحادث أنجاه الله منه , ومثله لا يكون عذرا
في ترك المواصلة في الحج ,
وما دام رجع قبل الوقوف بعرفة والطواف : فعليه التوبة ,
ودم يذبحه في مكة لفقرائها , وأن يحج من قابل .
من أحرم بالحج ومُنع من دخول مكة جاز له
أن يتحلل لأنه مغلوب على أمره , فإن كان اشترط في إحرامه
إن حبسه حابس فمحله حيث حبس فلا يلزمه شيء ,
وإن لم يكن اشترط ذلك فعليه هدي يذبحه حيث أحصر
ثم يحلق رأسه أو يقصر وبذلك يكون حل من إحرامه .
أحرم رجل وزوجته وابنتاه بالحج ثم أصيب الرجل بمرض
ففسخ إحرامه ورجع إلى بلده مع أهله , وجامع زوجته ,
فأجابته اللجنة :
بأن عليهم أن يرجعوا ليطوفوا طواف الحج وطواف الوداع
عند الخروج من مكة , وعليه الحلق أو التقصير بنية الحج ,
وعلى الزوجة والبنتين التقصير كذلك , وعلى كل واحد منهم دم ;
لترك الرمي , ودم آخر ; لترك المبيت بمنى .
ويجزئ عنهم بدنة أو بقرة مع زيادة شاة ; لأن جملة ما عليهم ثمانية دماء .
وعليه أيضا بدنة وعلى زوجته أيضا للجماع قبل التحلل الأول ,
وعليهما أن يحجا بدل هذه الحجة من الميقات
الذي أحرما منه بالحجة الأولى التي أفسداها بالجماع قبل التحلل .
رجل مع زوجته وأولاده أحرموا بالعمرة فأصيبوا بحادث قبل الطواف
ففسخوا الإحرام ورجعوا إلى بلدهم ,
فأجابت اللجنة :
بأن عليهم أن يعودوا ويؤدوا العمرة مع التوبة ,
ومن حصل منه جماع فعليه دم وعليه قضاء العمرة الأولى لأنها فسدت ,
فعليه إكمال عمرته مع قضائها ويكون إحرامه بالعمرة الثانية
من ميقات العمرة الأولى . أما ما حصل من لبس المخيط ونحوه
فإن كان عن جهل أو نسيان فلا شيء فيه ,
وأما ما كان عن عمد مع العلم ففيه فدية وهي إطعام ستة مساكين
لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة ,
وذلك عن كل محظور من لبس أو غطاء رأس أو طيب أو قلم أظافر
أو حلق عانة أو قص شارب أو نتف إبط مع التوبة .
رجل أدى عمرة التمتع ثم أصيب قبل الحج بمرض فلم يحرم بالحج
ورجع إلى بلده , فلا شيء عليه لأن العمرة انتهت بأدائها
والتحلل منها والحج لم يحرم به بعد .
التلبية الجماعية بحيث يلبي أحدهم
والبقية يتبعونه بدعة .
ما يفعله بعض الحجاج من لزومهم منازلهم بعد رجوعهم من الحج
وعدم خروجهم لقضاء حوائجهم أو الصلاة مع الجماعة بدعة .
وفي رد اللجنة الدائمة على من طلب توسيع الممر المؤدي
إلى أعلى قمة جبل عرفات المشهور بجبل الرحمة ,
وإزالة المسجد الموجود في ممر الجبل لتوسعة الممر , قالوا :
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حثَّ على صعود عرفات
الذي اشتهر عند الناس باسم : جبل الرحمة ,
ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم صعود هذا الجبل في حجه ,
ولا اتخذه منسكا . . . ودرج على ذلك الخلفاء الراشدون ومن تبعهم بإحسان .
والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف تحت هذا الجبل
عند الصخرات الكبار وقال :
وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة
ولذا قال كثير من العلماء : إن صعود هذا الجبل على وجه النسك بدعة ,
منهم الإمام النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية ,
والشيخ صديق خان . وبهذا يعلم أنه لا ينبغي توسعة هذا الممر ,
ولا السعي في جعله طريقا مسلوكا لما فيه من تقرير البدعة ,
وتسهيل الطريق لفاعلها , ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم
أن يصلي نفلا بموقف عرفات , بل اكتفى بصلاة الظهر والعصر
في مسجد نمرة جمعا وقصرا ,
ولا اتخذ مصلى بما يسمى جبل الرحمة ليصلي فيه من صعد الجبل نافلة
أو فريضة في يوم عرفات , بل اشتغل بعد صلاته الظهر والعص
ر بالذكر والدعاء حتى الغروب،
فاتخاذ مصلى أو مسجد على هذا الجبل ليصلي فيه من صعد عليه
من البدع التي أحدثها الجُهَّال , فينبغي إزالة المصلى الحالي ,
لا لتوسعة الممر بل للقضاء على البدعة ,
ولئلا يتمكن أهل المنكر من التلبيس على الأغرار من الحجاج .
بناء مسجد على الجبل المعروف بجبل الرحمة : بدعة ,
وصلاة ركعتين في المسجد المذكور بدعة ثانية ,
وكون الصلاة في وقت النهي بدعة ثالثة .
يجب على المسئولين الأمر بهدم المسجد المذكور فوق الجبل .
صعود الحجاج جبل النور وقصدهم غار حراء ليس من شعائر الحج
ولا من سنن الإسلام بل إنه بدعة , وذريعة من ذرائع الشرك بالله،
وعليه ينبغي أن يمنع الناس من الصعود له ,
ولا يوضع له درج , ولا يسهل الصعود له .
لا يلزم الحجاج رجالا أو نساء
زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
ولا البقيع بل يحرم شد الرحال إلى زيارة القبور مطلقا ,
ويحرم ذلك على النساء , ولو بلا شد الرحال .
ويكفي النساء أن يصلين في المسجد النبوي
ويكثرن من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد وغيره .
زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم سنة لعموم أدلة الحث على زيارة القبور ,
لكن دون شد الرحال إلى ذلك , فيزوره من كان بالمدينة أو ضواحيها
ممن لا يعد انتقاله إلى المدينة سفرا , أما السفر إلى المدينة لزيارة قبره فلا يجوز ,
فإذا سافر إلى المدينة لحاجة من تجارة وطلب علم ونحو ذلك ,
أو سافر إليها للصلاة في المسجد النبوي رغبة في مضاعفة الثواب ,
صلى أولا , ثم زار النبي صلى الله عليه وسلم الزيارة الشرعية فصلى وسلم عليه ,
وسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , ودعا لهما دون أن يتمسح بالقبر
أو بما حوله أو يقبل شيئا من ذلك , ودون أن يدعوه أو يستغيث به ,
فإن دعاءه والاستغاثة به بعد وفاته كدعاء غيره من الأموات ,
وذلك شرك أكبر , بل يكتفي بالصلاة والسلام عليه
والترضي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .