إن مهمة المربي مهمة عظيمة لأبعد مدى، وعمله من أجل وأشرف الأعمال، إذا ما أتقنه وأبدعه وأخلصه وصفاه من كل الشوائب وربى الطلاب تربية إسلامية سوية، فحينها تحوز تربيته قبولًا وتغرس صلاحًا.
فأنت أيها المربي الشاب عليك أمانة تربية الناشئة وسقايتهم الأخلاق، تلك التربية التي يتوقف عليها فيما بعد صلاح أو فساد المجتمع، لأن التربية إما أن تخرج شجرة خبيثة ما لها من قرار، أو تخرج شجرة طيبة دينها ثابت وأخلاقها في السماء، تنشر عبير إيمانها كل حين بإذن ربها.
ولذلك ونحن نتكلم عن التربية لابد ألا يغيب عن ذهن المربي أن (من أهداف التربية والتعليم إنشاء شخصية ذات مُثل عليا، هذه الشخصية يجب أن تكون مرتبطة بربها، تستمد منه نظام حياتها، وتعمل على تقويم مجتمعها، وتصحيح مفاهيمه على أسس صحيحة، وهذه هي رسالة المعلم والغرض من تربيته وتعليمه.
ومن المعلوم أن للتربية أسسًا تقوم عليها تختلف باختلاف المجتمعات واتجاهاتها، فإذا كانت أسس التربية في المجتمع الشيوعي مثلًا ترتكز على الماديات ونفي الروحيات وقطع صلة الطالب بربه، وإذا كانت أسس التربية في المجتمعات الغربية تقوم على الاستغلال والأنانية والانحلال، فإن أسس التربية في المجتمع الإسلامي تقوم على إيجاد العقيدة الصحيحة، والعواطف النبيلة، والآداب السامية التي تتمثل في علاقة الطالب بربه، وعلاقته بمعلمه، وزميله، وإدارة مدرسته، ومن ثم علاقته بأسرته، وإذا أردنا أن نحقق هذه الشخصية في الواقع العملي فإن علينا ايجاد المربي الناجح في التربية والتعليم) [نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات، محمد بن جميل زينو، (2)].
والآن نكمل المشوار الذي قد بدأناه في مقال سابق، نرسم فيه سويًا صورة لدور المربي مع المتربي، تلك الصورة التي تتمثل بشكل كبير في الإحاطة بأمور المتربي، والعمل الدءوب لبنائه والارتقاء به، مع مراقبته باستمرار للوقوف على مواطن الضعف والقوة، أجزاء السلبية والإجابية من الشخصية، بالإضافة إلى التقويم المستمر، وتتمثل التربية كذلك في توجيه المتربي وإعانته بصورة واقعية على حل مشكلاته العامة منها والخاصة دون إفراط ولا تفريط، ولا ننسى محاسبته مع التشجيع تارة عند الإنجاز والتقدم أو المعاتبة وما يشابهها من صور المجازاة عند الخطأ.
ولئن كنا قد تناولنا مسألة إحاطة بأمور المتربي والقرب منه بروح المودة والإخاء، فنحن اليوم نقف مع قضية اجتهاد المربي في بناء المتربي والارتقاء به.
اجتهاد وبناء
وعندما يبدأ المربي مرحلة الاجتهاد في بناء المتربي وغرس القيم فيه، يكون قد وصل إلى قطب الرحى وإلى بيت القصيد، الذي تقوم عليه عملية التربية، الاجتهاد في بناء المتربي والارتقاء بمستواه سواء الإيماني أو الأخلاقي أو العلمي.
وهنا يتبين لنا انحراف من أخل بهذا الجانب في عملية تربية الطالب؛ حيث يتحول عمله مع الطالب مجرد ارتباط ومودة أو حب وتعلق، أو إلى مجرد تسلط على المربي دون مردود يقربه من الله ويطور من مستواه علمًا كان أو عملًا.
تنبيه!
وعلى المربي الأريب أن يراعي في بنائه وارتقائه بالمتربي، السن والقدرات والمواهب، وأن يكون مرنًا في ذلك، لماذا؟ لأن بعض الطلاب قد تكون قدراتهم ومواهبهم أكبر من سنهم وقد يحدث عكس ذلك؛ فالواجب هنا أن يحصل النابغين على جرعات أكثر مما يعطى لغيرهم بالطريقة المناسبة التي لا تفسد علينا تربية الآخرين، وهذه سنة من سنن الله في خلقه، والمربي لابد أن يكون له في تربيته من قوانين الله في خلقه سند، ومن إلهامه لعباده مدد.
فمن سنة الله في خلقه، اختلاف الناس واختلاف القدرات والمواهب، فلابد من مراعاة الفروق الفردية في ذلك، كي لا يحمل ضعيف فوق طاقته، ولا يشعر قوي أنه بطيء لا ينفق من قوته وقدرته.
استعداد قبل الانطلاق
عليك أن تتدرج مع المتربي من خلال تلك المستويات التالية:
- أن تعد فترة تحضيرية تستمر هذه الفترة لعدة أشهر قبل الارتباط مع الشخص بمناهج علمية، ويراعى فيها الآتي:
- أن يكون الشخص المختار ممن تتناسب طاقته مع الجهد التربوي الذي سوف يبذل عليه.
- وكذلك أن يكون الشخص محل تعهد مستمر في هذه الفترة، مع الحذر من التكلف أو المبالغة في إظهار هذا الاهتمام.
- مهم جدًا أن أيها المربي الفاضل، أن تعطي المجال أو الفرصة للشخص الذي تربيه؛ ليتكلم ويعرب عن نفسه؟ فاستمع إليه أكثر مما تحدثه.
- ولا تقل أهمية عن سابقتها، معرفة مشاكله وما يعترضه من عوائق، ومحاولة تذليلها له وإعانته على تجاوزها.
- مراعاة نفسية كل فرد ومستوى تفكيره، وعدم الالتزام بنمط واحد في العمل مع الأفراد، بل يمكن البدء بأي بداية مباحة يتم بها الوصول إلى قلبه ويسهل بها تطبيق البرنامج الذي تريد بعد ذلك.
- أحرص على ألا تصدمه في الأشخاص الذين يعتز بهم.
- (الحذر من امتهان الحكم الشرعي، فلا تجبه إلا على ما ترى مصلحة في الإجابة عليه، واحذر التسرع في الفتوى.
- هيئ له مناخًا طيبًا وصحبة يتجاوب معها.
- لا تفرح بالحماس الفوار في بداية فترات التربية، بل اعمد إلى ترشيد هذا الحماس؛ حتى يصبح حماسًا منضبطًا بضوابط الشرع.
- ركز فى البداية على المفاهيم الشاملة والخطوط العريضة (التسليم للحكم الشرعي - الاعتزاز بالإسلام - معرفة غربة الإسلام وعدم الاغترار بالكثرة - شمول معنى لا إله إلا الله..)، وعلى صياغة التفكير والنفسية صياغة إسلامية صحيحة، وتقوية الصلة بالله، وتنقية الداخل، والتلاوة والحفظ لكتاب الله وتنمية روح الإخاء والمودة.
- احذر الاستعجال أو الاغترار بالسمت أو الهدي الظاهر الذي قد يخدع.
- ابتعد عن الشذوذات والآراء الغريبة أو المثيرة) [دور المربي في الدعوة الفردية، هشام بن عبد القادر آل عقدة، (13)].
وبعد أن يتم لنا ذلك، ونتجاوز نقطة الانطلاق، يكون هدف الفترة التالية من التربية هو تربية الشخص تربية شاملة على أصول أهل السنة والجماعة إجمالًا من خلال منطلقات ثلاثة:
الأول: الجانب الإيماني: (حين نتحدث عن الإيمان بمفهومه الشرعي فنحن نتحدث عن الدين كله بكافة جوانبه، فالإيمان شعب أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، فالتربية الإيمانية بهذا المفهوم تشمل كافة جوانب التربية، بدءًا بتصحيح الاعتقاد والصلة بالله عز وجل، وانتهاءً بغرس الآداب العامة والخاصة، وتشمل كل ما يعين على القيام بواجبات الإيمان من علم ودعوة، وإعداد للإنسان للقيام بهذه المهام) [تربية الشباب الأهداف والوسائل، إبراهيم الدويش].
ويكون ذلك وفق برنامج إيماني يجمع بين الكلام النظري الذي يجد طريقه إلى قلب الشاب، ثم الجانب العملي الذي يغرس فيه هذا الكلام غرسًا.
الثاني: الجانب الأخلاقي
وهنا يطوف المربي ماسكًا بيد المتربي في رحلة عبر وادي الجمال والكمال (إنه الوادي الذي يظهر حلاوة وروعة العيش في ظلال أنوار الإيمان.
إنه الوادي الذي نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم كمال الإيمان عمن عجز عن قطعه، وتخلف عن اللحوق بأهله، فقد أقسم صلى الله عليه وسلم ذات مرة قائلًا: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: (الجار لا يأمن جاره بوائقه)، قالوا: يا رسول الله وما بوائقه؟ قال: (شره) [رواه أحمد، وقال أحمد شاكر في تحقيق المسند: إسناده صحيح]) [حياة النور، فريد مناع، (145)].
إنه وادي الأخلاق الفاضلة، التي لا يتم الانتساب لحياة النور والإيمان إلا بالخوض فيه والتسنم بعبقه الزاكي، ولذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم صباحًا ومساء: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت) [رواه مسلم].
فإننا نريد بتعلم هذه الأخلاق أن يصل الفرد للصورة التي نطمح أن يكون عليها المجتمع المسلم، ومما يخدم في هذا الجانب الاتصال القوي بين المربي والفرد.
الثالث: الجانب العلمي: (حيث ينبغي تأسيس الفرد علميًا في هذا المستوى؛ وذلك بالاهتمام بكتاب الله، والاهتمام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما يناسب مستواه، وبأسس العلوم من المختصرات، ويراعى أن يكون طابع المنهج في هذه الفترة الطابع الذي يجمع بين التبسيط والعمق، مع مراعاة قدرة العقل التحملية) [دور المربي في الدعوة الفردية، هشام بن عبد القادر آل عقدة، (15)].
وأخيرًا تذكر...
إن من إيجابيات الصحوة الإسلامية اليوم أن قامت بجهد تربوي، وقدَّمت برامج لإعداد الناشئة ورعايتهم، وهو جهد متميز، وتجربة فريدة تُسجَّل لجيل الصحوة، ونتائجه التي نراها في الواقع ناطقةٌ بذلك، فاحرص على أن تكون من بين هؤلاء الذين عرفوا الحق ودلوا الشباب عليه.
								فأنت أيها المربي الشاب عليك أمانة تربية الناشئة وسقايتهم الأخلاق، تلك التربية التي يتوقف عليها فيما بعد صلاح أو فساد المجتمع، لأن التربية إما أن تخرج شجرة خبيثة ما لها من قرار، أو تخرج شجرة طيبة دينها ثابت وأخلاقها في السماء، تنشر عبير إيمانها كل حين بإذن ربها.
ولذلك ونحن نتكلم عن التربية لابد ألا يغيب عن ذهن المربي أن (من أهداف التربية والتعليم إنشاء شخصية ذات مُثل عليا، هذه الشخصية يجب أن تكون مرتبطة بربها، تستمد منه نظام حياتها، وتعمل على تقويم مجتمعها، وتصحيح مفاهيمه على أسس صحيحة، وهذه هي رسالة المعلم والغرض من تربيته وتعليمه.
ومن المعلوم أن للتربية أسسًا تقوم عليها تختلف باختلاف المجتمعات واتجاهاتها، فإذا كانت أسس التربية في المجتمع الشيوعي مثلًا ترتكز على الماديات ونفي الروحيات وقطع صلة الطالب بربه، وإذا كانت أسس التربية في المجتمعات الغربية تقوم على الاستغلال والأنانية والانحلال، فإن أسس التربية في المجتمع الإسلامي تقوم على إيجاد العقيدة الصحيحة، والعواطف النبيلة، والآداب السامية التي تتمثل في علاقة الطالب بربه، وعلاقته بمعلمه، وزميله، وإدارة مدرسته، ومن ثم علاقته بأسرته، وإذا أردنا أن نحقق هذه الشخصية في الواقع العملي فإن علينا ايجاد المربي الناجح في التربية والتعليم) [نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات، محمد بن جميل زينو، (2)].
والآن نكمل المشوار الذي قد بدأناه في مقال سابق، نرسم فيه سويًا صورة لدور المربي مع المتربي، تلك الصورة التي تتمثل بشكل كبير في الإحاطة بأمور المتربي، والعمل الدءوب لبنائه والارتقاء به، مع مراقبته باستمرار للوقوف على مواطن الضعف والقوة، أجزاء السلبية والإجابية من الشخصية، بالإضافة إلى التقويم المستمر، وتتمثل التربية كذلك في توجيه المتربي وإعانته بصورة واقعية على حل مشكلاته العامة منها والخاصة دون إفراط ولا تفريط، ولا ننسى محاسبته مع التشجيع تارة عند الإنجاز والتقدم أو المعاتبة وما يشابهها من صور المجازاة عند الخطأ.
ولئن كنا قد تناولنا مسألة إحاطة بأمور المتربي والقرب منه بروح المودة والإخاء، فنحن اليوم نقف مع قضية اجتهاد المربي في بناء المتربي والارتقاء به.
اجتهاد وبناء
وعندما يبدأ المربي مرحلة الاجتهاد في بناء المتربي وغرس القيم فيه، يكون قد وصل إلى قطب الرحى وإلى بيت القصيد، الذي تقوم عليه عملية التربية، الاجتهاد في بناء المتربي والارتقاء بمستواه سواء الإيماني أو الأخلاقي أو العلمي.
وهنا يتبين لنا انحراف من أخل بهذا الجانب في عملية تربية الطالب؛ حيث يتحول عمله مع الطالب مجرد ارتباط ومودة أو حب وتعلق، أو إلى مجرد تسلط على المربي دون مردود يقربه من الله ويطور من مستواه علمًا كان أو عملًا.
تنبيه!
وعلى المربي الأريب أن يراعي في بنائه وارتقائه بالمتربي، السن والقدرات والمواهب، وأن يكون مرنًا في ذلك، لماذا؟ لأن بعض الطلاب قد تكون قدراتهم ومواهبهم أكبر من سنهم وقد يحدث عكس ذلك؛ فالواجب هنا أن يحصل النابغين على جرعات أكثر مما يعطى لغيرهم بالطريقة المناسبة التي لا تفسد علينا تربية الآخرين، وهذه سنة من سنن الله في خلقه، والمربي لابد أن يكون له في تربيته من قوانين الله في خلقه سند، ومن إلهامه لعباده مدد.
فمن سنة الله في خلقه، اختلاف الناس واختلاف القدرات والمواهب، فلابد من مراعاة الفروق الفردية في ذلك، كي لا يحمل ضعيف فوق طاقته، ولا يشعر قوي أنه بطيء لا ينفق من قوته وقدرته.
استعداد قبل الانطلاق
عليك أن تتدرج مع المتربي من خلال تلك المستويات التالية:
- أن تعد فترة تحضيرية تستمر هذه الفترة لعدة أشهر قبل الارتباط مع الشخص بمناهج علمية، ويراعى فيها الآتي:
- أن يكون الشخص المختار ممن تتناسب طاقته مع الجهد التربوي الذي سوف يبذل عليه.
- وكذلك أن يكون الشخص محل تعهد مستمر في هذه الفترة، مع الحذر من التكلف أو المبالغة في إظهار هذا الاهتمام.
- مهم جدًا أن أيها المربي الفاضل، أن تعطي المجال أو الفرصة للشخص الذي تربيه؛ ليتكلم ويعرب عن نفسه؟ فاستمع إليه أكثر مما تحدثه.
- ولا تقل أهمية عن سابقتها، معرفة مشاكله وما يعترضه من عوائق، ومحاولة تذليلها له وإعانته على تجاوزها.
- مراعاة نفسية كل فرد ومستوى تفكيره، وعدم الالتزام بنمط واحد في العمل مع الأفراد، بل يمكن البدء بأي بداية مباحة يتم بها الوصول إلى قلبه ويسهل بها تطبيق البرنامج الذي تريد بعد ذلك.
- أحرص على ألا تصدمه في الأشخاص الذين يعتز بهم.
- (الحذر من امتهان الحكم الشرعي، فلا تجبه إلا على ما ترى مصلحة في الإجابة عليه، واحذر التسرع في الفتوى.
- هيئ له مناخًا طيبًا وصحبة يتجاوب معها.
- لا تفرح بالحماس الفوار في بداية فترات التربية، بل اعمد إلى ترشيد هذا الحماس؛ حتى يصبح حماسًا منضبطًا بضوابط الشرع.
- ركز فى البداية على المفاهيم الشاملة والخطوط العريضة (التسليم للحكم الشرعي - الاعتزاز بالإسلام - معرفة غربة الإسلام وعدم الاغترار بالكثرة - شمول معنى لا إله إلا الله..)، وعلى صياغة التفكير والنفسية صياغة إسلامية صحيحة، وتقوية الصلة بالله، وتنقية الداخل، والتلاوة والحفظ لكتاب الله وتنمية روح الإخاء والمودة.
- احذر الاستعجال أو الاغترار بالسمت أو الهدي الظاهر الذي قد يخدع.
- ابتعد عن الشذوذات والآراء الغريبة أو المثيرة) [دور المربي في الدعوة الفردية، هشام بن عبد القادر آل عقدة، (13)].
وبعد أن يتم لنا ذلك، ونتجاوز نقطة الانطلاق، يكون هدف الفترة التالية من التربية هو تربية الشخص تربية شاملة على أصول أهل السنة والجماعة إجمالًا من خلال منطلقات ثلاثة:
الأول: الجانب الإيماني: (حين نتحدث عن الإيمان بمفهومه الشرعي فنحن نتحدث عن الدين كله بكافة جوانبه، فالإيمان شعب أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، فالتربية الإيمانية بهذا المفهوم تشمل كافة جوانب التربية، بدءًا بتصحيح الاعتقاد والصلة بالله عز وجل، وانتهاءً بغرس الآداب العامة والخاصة، وتشمل كل ما يعين على القيام بواجبات الإيمان من علم ودعوة، وإعداد للإنسان للقيام بهذه المهام) [تربية الشباب الأهداف والوسائل، إبراهيم الدويش].
ويكون ذلك وفق برنامج إيماني يجمع بين الكلام النظري الذي يجد طريقه إلى قلب الشاب، ثم الجانب العملي الذي يغرس فيه هذا الكلام غرسًا.
الثاني: الجانب الأخلاقي
وهنا يطوف المربي ماسكًا بيد المتربي في رحلة عبر وادي الجمال والكمال (إنه الوادي الذي يظهر حلاوة وروعة العيش في ظلال أنوار الإيمان.
إنه الوادي الذي نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم كمال الإيمان عمن عجز عن قطعه، وتخلف عن اللحوق بأهله، فقد أقسم صلى الله عليه وسلم ذات مرة قائلًا: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: (الجار لا يأمن جاره بوائقه)، قالوا: يا رسول الله وما بوائقه؟ قال: (شره) [رواه أحمد، وقال أحمد شاكر في تحقيق المسند: إسناده صحيح]) [حياة النور، فريد مناع، (145)].
إنه وادي الأخلاق الفاضلة، التي لا يتم الانتساب لحياة النور والإيمان إلا بالخوض فيه والتسنم بعبقه الزاكي، ولذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم صباحًا ومساء: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت) [رواه مسلم].
فإننا نريد بتعلم هذه الأخلاق أن يصل الفرد للصورة التي نطمح أن يكون عليها المجتمع المسلم، ومما يخدم في هذا الجانب الاتصال القوي بين المربي والفرد.
الثالث: الجانب العلمي: (حيث ينبغي تأسيس الفرد علميًا في هذا المستوى؛ وذلك بالاهتمام بكتاب الله، والاهتمام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما يناسب مستواه، وبأسس العلوم من المختصرات، ويراعى أن يكون طابع المنهج في هذه الفترة الطابع الذي يجمع بين التبسيط والعمق، مع مراعاة قدرة العقل التحملية) [دور المربي في الدعوة الفردية، هشام بن عبد القادر آل عقدة، (15)].
وأخيرًا تذكر...
إن من إيجابيات الصحوة الإسلامية اليوم أن قامت بجهد تربوي، وقدَّمت برامج لإعداد الناشئة ورعايتهم، وهو جهد متميز، وتجربة فريدة تُسجَّل لجيل الصحوة، ونتائجه التي نراها في الواقع ناطقةٌ بذلك، فاحرص على أن تكون من بين هؤلاء الذين عرفوا الحق ودلوا الشباب عليه.
        اسم الموضوع : فن البناء والارتقاء
            |
        المصدر : .: مدارسنا الخيرية :.
        
			
					
				
				