كعادتي زيّ كل يوم ما أرجع البيت إلاّ متأخر .. وأدخل البيت بالشويش عشان لحد يكشفني
ومن حسن حظي غرفتي جنب باب الشارع ..
في يوم من الأيام جيت أفتح الباب : سمعت وحده بتكنس ورى الباب .. فقلت خليني أسوّي مقلب
- قيدني معروف بالمقالب - فحمحمت " إحم إحم إحم " ، وقلدت صوت أبويا وأنا داخل - ويا
ويلها الخوافة لو شافها أبويا ما كنست البيت بدري ..
ويا مقلب ما بعده مقلب .. ما أسمع بعده إلا صوت جري وفرقعة على فوق.. المكنسة في جهة ،
والقمامة اللي جمعتها من دورين اشعترت في كل مكان.. وما في إلاّ أكركر ضحك وأطيح
على بطني .. كاك كاك كاك كيك ..
وطبعاً الشقية ما سكتت ،،، وما هو إلا شويّا وأشوف شيء طائر من فتحة الدرجان " زيّ القنابل
الفسفورية " على راسي و ظهري وإذا به قمائم ،،، وأسمع الضحك من فوق عليّ .. وفرّيه جري
زي الصاروخ النووي حق إيران ألحق وراها عشان أديها حق الله - طبعاً أنا أكبر منّها مين
يعترض ؟؟؟...
وللأسف ما لحقتها دخلت غرفة الإدارة والتحكم واندست خلف النور والحب الفياض والحنان
خلف أمي الحبيبة .. وطبعاً مع قوة سرعتي و ضرب الفرامل - عندما رأيت إشارات الإنذار -
فحّطت وزحفت الكفرات " الكوارع " وطحت جوّة الغرفة ، رفعت راسي .. ورأيت الإجلال والمهابة والنظرات الرحيمة
تنظر نحوي .. وبيدها كتاب الله .. اعتدلت في جلستي ..
قالت : متى دخلت البيت يا ( رااائع ) .. قلت : دوبي داخل ..
قالت : إشبك إنت وأختك ؟ فطبعاً الفيلسوفة عشان أمي تحبها أكتر منّي .. شغلت شريط
الشكاوى - بر بر بر بر - بسم الله عليها ما تقول إلا بالعة مسجل .. طبعاً أنا مستحيل أرفع
صوتي أمام أمي .. ما أقدر لو الوزغة جوّت فنيلتي تطقطق .. !!
فاستوقفت أمي وهي تسمع كلامها : حمحمة أبويا عند دخوله البيت ..
فقالت أجلسوا يا بزورة - وكانت تنتهز أيّ فرصة لتوجيهنا وتربيتنا - : وبدأت تحكي لنا
قصص التراث من القَطر البرماوي .. وتروي لنا سمات المرأة البرماوية ، وكيف كانت تعيش ..
سبحت في خيالي و تأملت الأحوال .. وبكيت لبراءة الحال .. وروعة الإحترام والإجلال ..
قالتلي أمي !! : لمّا كنّا في البلاد ( أراكان المفقودة ) كان أبوك طول النهار يروح يشتغل في
الزراعة .. وكنا نساعدوا .. وطبعاً أراكان يا أولادي ( جنّة من جنان الله في الأرض ) بها أنهار
كتيرة .. والطبيعة لم تمس كما خلقها الله - وكانت تعجبنا قصص أراكان الحبيبة ..
يا أولادي : ترى الزوج عندنا مقدّس .. فعشان كدا تشوف البرماوية تستميت في إرضاء زوجها ..
فعشان كدا نادراً تشوف واحد يعدّد عندنا .. بل كانت العروسة أول ما تجي بيتها ، تخدم
حماها وحماتها .. ولازم كلّ يوم تطبخ للبيت كامل - فين هادا في زماننا ؟؟ - أول شيء
يشترطوا شقّة مستقلّة !!.. ومن حسن تبعّل البرماويات لأزواجهن وحسن عشرتهن .. كان الزوج
أول مايقرب من الباب يحمحم ، فتستقبله زوجته بإبريق الماء عند الباب فتغسل له رجليه
المطينتين ..
وبصراحة يا أولادي ، أول ما هاجرنا إلى مكّة .. ما قدرت أسيب هذه العادة ، فكان بوكم
يقول : خلاص ما عاد عندنا طين عشان تغسلي رجولي .. فما أرضى إلاّ أغسللو .. وكنت أشوف
الدمعة في عيونه ..
وبعدين الحرمة مننا إذا مشيت في الشارع وشافت راجل .. كانت تندرك وتدخل على بعضها أو
تجلس .. حتّى يعدّي الرجّال ..
أووه أتذكّر .. في يوم من الإيام : جات وليّة عندنا .. حالتها ضعيفة ومسكينة تبغى مساعدة ،،
فقالت :جيتكم لوحدي قاصدتكم من آخر الدنيا ..
فقلّها أبوكم : إذا صدقتي فإنتي منتي برماوية .. فقالت : ليش ؟؟ فقال : لأنه مستحيل
البرماوية تخرج من البيت لوحدها ،، عشان القرش والقرشين .. البرماوية تموت في بيتها من
الجوع ولا تخرج في الشارع لوحدها .. زيّ حرمة مولوي عبد القدوس .. حصّلوها ميتة في بيتها بعد
يومين من الجوع ..
فسكتت : العجوزة .. وبعدين أعطاها الشيء الميسّر ومشيت ..
حقيقة كانت الوقفات مؤثرة ... ومن بعدها عزمت إنّي أدوّر وحده برماوية من الطراز القديم ..
زيّ ( كرسيدا موديل 80 ) حتى أتزوجها .. وفعلاً حصلت وحده - تصلح للمقالب - وتصبر عليّ
.. والله رزقني منها كتاكيت حلوين ..
الله يرحمك يا أبويا .. والله يرحمك يا أمي ..
تعبتم في تربيتنا وتعليمنا كتير ..
والسلام ختام يابني بورمان ..
ومن حسن حظي غرفتي جنب باب الشارع ..
في يوم من الأيام جيت أفتح الباب : سمعت وحده بتكنس ورى الباب .. فقلت خليني أسوّي مقلب
- قيدني معروف بالمقالب - فحمحمت " إحم إحم إحم " ، وقلدت صوت أبويا وأنا داخل - ويا
ويلها الخوافة لو شافها أبويا ما كنست البيت بدري ..
ويا مقلب ما بعده مقلب .. ما أسمع بعده إلا صوت جري وفرقعة على فوق.. المكنسة في جهة ،
والقمامة اللي جمعتها من دورين اشعترت في كل مكان.. وما في إلاّ أكركر ضحك وأطيح
على بطني .. كاك كاك كاك كيك ..
وطبعاً الشقية ما سكتت ،،، وما هو إلا شويّا وأشوف شيء طائر من فتحة الدرجان " زيّ القنابل
الفسفورية " على راسي و ظهري وإذا به قمائم ،،، وأسمع الضحك من فوق عليّ .. وفرّيه جري
زي الصاروخ النووي حق إيران ألحق وراها عشان أديها حق الله - طبعاً أنا أكبر منّها مين
يعترض ؟؟؟...
وللأسف ما لحقتها دخلت غرفة الإدارة والتحكم واندست خلف النور والحب الفياض والحنان
خلف أمي الحبيبة .. وطبعاً مع قوة سرعتي و ضرب الفرامل - عندما رأيت إشارات الإنذار -
فحّطت وزحفت الكفرات " الكوارع " وطحت جوّة الغرفة ، رفعت راسي .. ورأيت الإجلال والمهابة والنظرات الرحيمة
تنظر نحوي .. وبيدها كتاب الله .. اعتدلت في جلستي ..
قالت : متى دخلت البيت يا ( رااائع ) .. قلت : دوبي داخل ..
قالت : إشبك إنت وأختك ؟ فطبعاً الفيلسوفة عشان أمي تحبها أكتر منّي .. شغلت شريط
الشكاوى - بر بر بر بر - بسم الله عليها ما تقول إلا بالعة مسجل .. طبعاً أنا مستحيل أرفع
صوتي أمام أمي .. ما أقدر لو الوزغة جوّت فنيلتي تطقطق .. !!
فاستوقفت أمي وهي تسمع كلامها : حمحمة أبويا عند دخوله البيت ..
فقالت أجلسوا يا بزورة - وكانت تنتهز أيّ فرصة لتوجيهنا وتربيتنا - : وبدأت تحكي لنا
قصص التراث من القَطر البرماوي .. وتروي لنا سمات المرأة البرماوية ، وكيف كانت تعيش ..
سبحت في خيالي و تأملت الأحوال .. وبكيت لبراءة الحال .. وروعة الإحترام والإجلال ..
قالتلي أمي !! : لمّا كنّا في البلاد ( أراكان المفقودة ) كان أبوك طول النهار يروح يشتغل في
الزراعة .. وكنا نساعدوا .. وطبعاً أراكان يا أولادي ( جنّة من جنان الله في الأرض ) بها أنهار
كتيرة .. والطبيعة لم تمس كما خلقها الله - وكانت تعجبنا قصص أراكان الحبيبة ..
يا أولادي : ترى الزوج عندنا مقدّس .. فعشان كدا تشوف البرماوية تستميت في إرضاء زوجها ..
فعشان كدا نادراً تشوف واحد يعدّد عندنا .. بل كانت العروسة أول ما تجي بيتها ، تخدم
حماها وحماتها .. ولازم كلّ يوم تطبخ للبيت كامل - فين هادا في زماننا ؟؟ - أول شيء
يشترطوا شقّة مستقلّة !!.. ومن حسن تبعّل البرماويات لأزواجهن وحسن عشرتهن .. كان الزوج
أول مايقرب من الباب يحمحم ، فتستقبله زوجته بإبريق الماء عند الباب فتغسل له رجليه
المطينتين ..
وبصراحة يا أولادي ، أول ما هاجرنا إلى مكّة .. ما قدرت أسيب هذه العادة ، فكان بوكم
يقول : خلاص ما عاد عندنا طين عشان تغسلي رجولي .. فما أرضى إلاّ أغسللو .. وكنت أشوف
الدمعة في عيونه ..
وبعدين الحرمة مننا إذا مشيت في الشارع وشافت راجل .. كانت تندرك وتدخل على بعضها أو
تجلس .. حتّى يعدّي الرجّال ..
أووه أتذكّر .. في يوم من الإيام : جات وليّة عندنا .. حالتها ضعيفة ومسكينة تبغى مساعدة ،،
فقالت :جيتكم لوحدي قاصدتكم من آخر الدنيا ..
فقلّها أبوكم : إذا صدقتي فإنتي منتي برماوية .. فقالت : ليش ؟؟ فقال : لأنه مستحيل
البرماوية تخرج من البيت لوحدها ،، عشان القرش والقرشين .. البرماوية تموت في بيتها من
الجوع ولا تخرج في الشارع لوحدها .. زيّ حرمة مولوي عبد القدوس .. حصّلوها ميتة في بيتها بعد
يومين من الجوع ..
فسكتت : العجوزة .. وبعدين أعطاها الشيء الميسّر ومشيت ..
حقيقة كانت الوقفات مؤثرة ... ومن بعدها عزمت إنّي أدوّر وحده برماوية من الطراز القديم ..
زيّ ( كرسيدا موديل 80 ) حتى أتزوجها .. وفعلاً حصلت وحده - تصلح للمقالب - وتصبر عليّ
.. والله رزقني منها كتاكيت حلوين ..
الله يرحمك يا أبويا .. والله يرحمك يا أمي ..
تعبتم في تربيتنا وتعليمنا كتير ..
والسلام ختام يابني بورمان ..
اسم الموضوع : أمي قالتلي .. فاسمعوا !!!
|
المصدر : .: عالم المرأة :.
