غازي القصيبي .. وقصيدة حديقة الغروب .. من روائع الشعر العربي

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
917
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
تعجبني كثيراً قصائد الدكتور غازي القصيبي .. وكم أستمتع بخيالاتها وصورها الرائعة .. وأطرب لموسيقاها وإيقاعاتها المجنونة .. فهو شاعر من طراز المتنبي وأبي فراس وجرير والفرزدق .. وفي رأي الشخصي فإني أفضله على كثير من الشعراء .. في عصرنا وفي غير عصرنا.. لجزالة لفظه وحسن تعبيره ودقة تصويره وميله للغزل العفيف ذات المضامين السامية .. وهذه قصيدة من روائع قصائده وغرر أبياته بعنوان حديقة الغروب .. ولعله كتبها حين أحس بمرض ألم به قبل سنوات وتوقع أن يرحل من هذه الدنيا .. أترككم مع قافيته الفخمة :

خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ
أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟


أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت
إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟


أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا
يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ


والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ
سوى ثُمالةِ أيامٍ.. وتذكارِ


بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا
قلبي العناءَ!... ولكن تلك أقداري

***

أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى
عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري


أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ
وما تغيّرتِ.. والأوجاعُ سُمّاري


منحتني من كنوز الحُبّ.. أَنفَسها
وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري


ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي
والغيم محبرتي.. والأفقَ أشعاري


إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني
بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصرار


وكان يأوي إلى قلبي.. ويسكنه
وكان يحمل في أضلاعهِ داري


وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكنْ بَطَلاً
لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ

***

وأنتِ!.. يا بنت فجرٍ في تنفّسه
ما في الأنوثة.. من سحرٍ وأسرارِ


ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ
يهيمُ ما بين أغلالٍ.. وأسوارِ


هذي حديقة عمري في الغروب.. كما
رأيتِ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ


الطيرُ هَاجَرَ.. والأغصانُ شاحبةٌ
والوردُ أطرقَ يبكي عهد آذارِ


لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي
فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري


وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بطلاً
وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ

***

ويا بلاداً نذرت العمر.. زَهرتَه
لعزّها!... دُمتِ!... إني حان إبحاري


تركتُ بين رمال البيد أغنيتي
وعند شاطئكِ المسحورِ.. أسماري


إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي
ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري


وإن مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً
وكان طفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري


***

يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه
وأنت تعلمُ إعلاني.. وإسراري


وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به
علي.. ما خدشته كل أوزاري


أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي
أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟
 

فتى أراكان

, مراقب قسم ساحة الرأي
إنضم
18 يونيو 2009
المشاركات
692
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
على ذروة جبل مكي
وجه آخر لصاحب القصيد ما عهدته به من قبل ..
عرفته سياسيا وزيراً دبلوماسياً سفيراً كاتباً شاعراً رومانسياً حالماً !!!
أما أن يتوب ويستغفر ، ويؤوب إلى المولى في نهاية الطريق فذلك أحب وجوهه إليّ !
شكراً أستاذ صلاح على اختيارك الموفق .. تحياتي
 
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
917
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الإخوة الكرام : الغريب - سيد الخوارق - فتى أراكان

شكراً لكم وجزتم خيرا
 
إنضم
17 ديسمبر 2009
المشاركات
63
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
مع كرهي لبعض أفعال هذاالشخص إلا أنني أعترف بشاعريته
 

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
ما زال شعره يرفع شأنه في عيني ويزيد من مناقبه، ويُعميني عما يتسامعه الناس من مثالبه، حتى توّج تاريخه الأدبي بهذا التوجّه إلى المولى القدير، أسأل الله أن يغفر له ويحقق له في مراضيه ما تمناه.
 
أعلى