صدى الحجاز
مراقب سابق
بينما كنت ذات يوم في سوق ابن داود إذا بجوالي يرن ثم يسكت .. نظرت فإذا رقم مجهول .. تركته فأخذ يرن ويرن .. فقلت في نفسي: لعله أحد الأصدقاء يريدني في أمر مهم، وليس لديه رصيد، فاتصلت عليه وقلت:
ترى ما هي السيارة التي ستكون لائقة بمكانتي الاجتماعية؟
أين سأشتري قطعة أرض لأبني عليها استراحة فخمة وأسميها (استراحة الجزيرة)؟
كيف سأتقي نظرات الحاقدين والحسدة من الناس؟
كيف سأفَرِّقُ بين الصديق المخلص و(المصلحنجي)؟
ترى في أي طبقة اجتماعية ستكون غداً يا (صدى الحجاز)؟!..
وقبل أن أنتهي من التخطيط للمتغيرات المستقبلية نظرت فإذا ساعة الانتظار قد مضت ..
هرعت إلى جوالي وقد انقطع الاتصال.
اتصلت عليه مرة تلو الأخرى دون جدوى ..
وبعد صلاة الفجر أخذت أكرر محاولاتي للاتصال بالمبشِّر لأتأكد من حصولي على مائة وخمسين ألف دولار أمريكي، ولكن لا جدوى، بل كلما اتصلت بالرقم أسمع إجابة تلقائية مبرمجة باللغة الإنجليزية لم أفهم معناها، ثم أجريت اتصالا بشركة الاتصالات لأتأكد من فاتورتي فنـزل الخبر علي كالصاعقة حيث أفادني بأن مبلغ الفاتورة (1400) ألف وأربعمائة ريال، بعد أن كان البارحة (200) مائتي ريال فقط.
فأدركت المقلب الجامد الذي شربته من ذلك الملعون، إذ لم يكن الرقم مجانياًَ كما ادعى، بل تم تمرير مكالمة دولية عن طريق جوالي، بتلك المسابقة المختلقة، وتم خداعي بتلك الجائزة الموهومة.
وبعد أن شكوت إلى مشرف فرع الاتصالات بالعزيزية أفادني بأنه أيضاً شرب من نفس الكأس التي شربت منها، بل شرب أكثر مما شربت.
فكان ذلك عزائي ..
ألا لعنة الله عليهم.
- ألو .. السلام عليكم..
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. أهلاً وسهلاً ومرحباً وألف مبروك ...!!!
- معليش .. لو سمحت، من معي؟
- نحن من شركة اتصالات دبي، ونهنئك على الفوز بجائزة المسابقة بمبلغ قدره (150.000)، مائة وخمسون ألف دولار أمريكي !!!!!..
- أي فوزٍ تقصد؟ أنا لم أشترك في أي مسابقة..
- يا أخي سوف أشرح لك بالتفصيل .. لقد وقعت منافسة شديدة بين شركة اتصالات دبي وبين شركة الاتصالات السعودية في إحدى المسابقات، فقامت اتصالات السعودية بضخ عشرة آلاف رقم من أرقام عملائها في هذه المسابقة، وتم إجراء قرعة بينها ليتم اختيار أرقام يتم تكريم أصحابها .... إلخ.
- أصحيح ما تقولون؟!... أشك في ذلك..
- يا أخي.. أنت الآن تتصل من جوالك .. تراك تخسر رصيدك .. وسنعطيك الآن رقماً مجانياً لتتصل عليه، ونشرح لك مزيداً من التفاصيل، سجل الآن في جوالك :..... 00149 إلخ، اتصل الآن على هذا الرقم (وأعطاني رقماً دولياً طويلاً يصل إلى أربعة عشر رقم).
- أتعني أن عليَّ إغلاق هذا الخط لأتصل على الرقم الجديد المجاني؟
- لا.. لا .. اترك الخط الحالي مفتوحاً، واتصل على الرقم الآخر دون أن تغلق الخط الحالي (أول مرة أسمع به).
ودون أن أغلق الخط في وجهه القبيح لم أتردد في الاتصال بالرقم المجاني الجديد.- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. أهلاً وسهلاً ومرحباً وألف مبروك ...!!!
- معليش .. لو سمحت، من معي؟
- نحن من شركة اتصالات دبي، ونهنئك على الفوز بجائزة المسابقة بمبلغ قدره (150.000)، مائة وخمسون ألف دولار أمريكي !!!!!..
- أي فوزٍ تقصد؟ أنا لم أشترك في أي مسابقة..
- يا أخي سوف أشرح لك بالتفصيل .. لقد وقعت منافسة شديدة بين شركة اتصالات دبي وبين شركة الاتصالات السعودية في إحدى المسابقات، فقامت اتصالات السعودية بضخ عشرة آلاف رقم من أرقام عملائها في هذه المسابقة، وتم إجراء قرعة بينها ليتم اختيار أرقام يتم تكريم أصحابها .... إلخ.
- أصحيح ما تقولون؟!... أشك في ذلك..
- يا أخي.. أنت الآن تتصل من جوالك .. تراك تخسر رصيدك .. وسنعطيك الآن رقماً مجانياً لتتصل عليه، ونشرح لك مزيداً من التفاصيل، سجل الآن في جوالك :..... 00149 إلخ، اتصل الآن على هذا الرقم (وأعطاني رقماً دولياً طويلاً يصل إلى أربعة عشر رقم).
- أتعني أن عليَّ إغلاق هذا الخط لأتصل على الرقم الجديد المجاني؟
- لا.. لا .. اترك الخط الحالي مفتوحاً، واتصل على الرقم الآخر دون أن تغلق الخط الحالي (أول مرة أسمع به).
- ألو .. السلام عليكم ورحمـ....
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. أهلا وسهلاً .. مبارك عليك فوزك بالمسابقة .. إلخ.
- هل لي أن أفهم من تقصد بالضبط؟ يا أخي أظنك أخطأت الرقم .. أبهذه البساطة أفوز بمائة وخمسين ألف دولار دون أدنى جهد أبذله أو مشاركة أو مكالمة على الأقل؟!...
- أراك ترغب عن جائزتك .. حسنا إذن ..
- كلا كلا .. انتظر .. فقط أود التثبت من الموضوع.
- أخي العزيز .. قد شرحت لك سبب فوزك في المسابقة، ونحن نود التحري من صاحب هذا الرقم، هل أنت صاحبه بالضبط؟
- نعم أنا صاحب الرقم، والشريحة مسجلة باسمي.
- ما اسمك إذن؟
- فلان بن فلان.
- عنوانك .. صندوق بريدك .. عملك .. مهنتك .. رقم هويتك .. رقم حسابك في البنك ..
- وماذا تريد من رقم حسابي؟
- ألا تريد المبلغ المذكور؟
- ومن يرغب عن المال؟ طبعاً أرغب فيه بلا شك.
- فهل لك أن تأتينا الليلة لتستلم جائزتك؟
- أأسافر من مكة إلى دبي خلال هذه الليلة؟
- نعم .. ألا يستحق المبلغ هذا المشوار؟
- بلى .. ولكن إمكانية الوصول إليكم بهذه السرعة من المستحيلات!!..
- فاعطنا رقم حسابك إذن ..
- آه .. أتقصد أنك تود تحويل المبلغ إلى حسابي؟
- أخيراً فهمتَ؟!..
- لا أدري كيف أشكرك .. ولكن لم أفتح حساباً في أي بنك بعد .. فما الحل إذن؟!..
- إذن أعطنا رقم حساب صديق أو عزيز لديك لنحول المبلغ إليه.
- للأسف ليس لدي رقم حساب أي منهم.
- إذن علينا أن نفتح حساباً باسمك في أي بنك تختاره عن طريق النت بناءاً على المعلومات التي زودتنا بها، ثم نحول إليه جائزتك النقدية، ونرسل إليك الرقم السري لتذهب صباح غدٍ وتستلمه من البنك.
- أحقاً ما تقول؟ أهذه الطريقة ممكنة فعلاً؟
- بالتأكيد، ودون أدنى شك..
- فما المطلوب إذن؟
- اختر العملة التي ترغب .. هل تريدها ريالات سعودية أم دولارات أمريكية؟
- بل خمسمئات سعودية.
- حسناً حسناً .. اختر البنك الذي تريده، والفرع القريب منك.
- أحب أن ترسل إلى بنك الراجحي، إلى فرع العوالي القريب من سكني.
- حسناً حسناً.. سوف نقوم الآن بإجراءات فتح حسابك ببنك الراجحي عن طريق النت ثم نقوم بتحويل المبلغ إليه، وما عليك سوى الانتظار ..
- أتقصد أن أغلق اتصالي ثم أنتظر جوابك؟
- كلا .. كلا .. لا تغلق جوالك فالإجراءات مرتبطة باتصالك، فإن قطعت الاتصال فسوف تتوقف الإجراءات ولن يصلك شيء..
- وكم سيستغرق من الوقت لهذا الإجراء إذن؟
- ساعة واحدة فقط .. وما عليك منها طالما أن الرقم الذي تتصل به مجاني ..
في خلال ساعة الانتظار هذه كنت قد رجعت إلى شقتي وطفقت أمشي في السيب ذهابا وإياباً .. قد طار النوم من أجفاني .. بدأت أشق طريقي نحو الثراء لأصبح غداً ضمن قائمة (طوال العمر) وممن يُشار إليهم بالبنان، ويوسع لهم في المجالس.- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. أهلا وسهلاً .. مبارك عليك فوزك بالمسابقة .. إلخ.
- هل لي أن أفهم من تقصد بالضبط؟ يا أخي أظنك أخطأت الرقم .. أبهذه البساطة أفوز بمائة وخمسين ألف دولار دون أدنى جهد أبذله أو مشاركة أو مكالمة على الأقل؟!...
- أراك ترغب عن جائزتك .. حسنا إذن ..
- كلا كلا .. انتظر .. فقط أود التثبت من الموضوع.
- أخي العزيز .. قد شرحت لك سبب فوزك في المسابقة، ونحن نود التحري من صاحب هذا الرقم، هل أنت صاحبه بالضبط؟
- نعم أنا صاحب الرقم، والشريحة مسجلة باسمي.
- ما اسمك إذن؟
- فلان بن فلان.
- عنوانك .. صندوق بريدك .. عملك .. مهنتك .. رقم هويتك .. رقم حسابك في البنك ..
- وماذا تريد من رقم حسابي؟
- ألا تريد المبلغ المذكور؟
- ومن يرغب عن المال؟ طبعاً أرغب فيه بلا شك.
- فهل لك أن تأتينا الليلة لتستلم جائزتك؟
- أأسافر من مكة إلى دبي خلال هذه الليلة؟
- نعم .. ألا يستحق المبلغ هذا المشوار؟
- بلى .. ولكن إمكانية الوصول إليكم بهذه السرعة من المستحيلات!!..
- فاعطنا رقم حسابك إذن ..
- آه .. أتقصد أنك تود تحويل المبلغ إلى حسابي؟
- أخيراً فهمتَ؟!..
- لا أدري كيف أشكرك .. ولكن لم أفتح حساباً في أي بنك بعد .. فما الحل إذن؟!..
- إذن أعطنا رقم حساب صديق أو عزيز لديك لنحول المبلغ إليه.
- للأسف ليس لدي رقم حساب أي منهم.
- إذن علينا أن نفتح حساباً باسمك في أي بنك تختاره عن طريق النت بناءاً على المعلومات التي زودتنا بها، ثم نحول إليه جائزتك النقدية، ونرسل إليك الرقم السري لتذهب صباح غدٍ وتستلمه من البنك.
- أحقاً ما تقول؟ أهذه الطريقة ممكنة فعلاً؟
- بالتأكيد، ودون أدنى شك..
- فما المطلوب إذن؟
- اختر العملة التي ترغب .. هل تريدها ريالات سعودية أم دولارات أمريكية؟
- بل خمسمئات سعودية.
- حسناً حسناً .. اختر البنك الذي تريده، والفرع القريب منك.
- أحب أن ترسل إلى بنك الراجحي، إلى فرع العوالي القريب من سكني.
- حسناً حسناً.. سوف نقوم الآن بإجراءات فتح حسابك ببنك الراجحي عن طريق النت ثم نقوم بتحويل المبلغ إليه، وما عليك سوى الانتظار ..
- أتقصد أن أغلق اتصالي ثم أنتظر جوابك؟
- كلا .. كلا .. لا تغلق جوالك فالإجراءات مرتبطة باتصالك، فإن قطعت الاتصال فسوف تتوقف الإجراءات ولن يصلك شيء..
- وكم سيستغرق من الوقت لهذا الإجراء إذن؟
- ساعة واحدة فقط .. وما عليك منها طالما أن الرقم الذي تتصل به مجاني ..
ترى ما هي السيارة التي ستكون لائقة بمكانتي الاجتماعية؟
أين سأشتري قطعة أرض لأبني عليها استراحة فخمة وأسميها (استراحة الجزيرة)؟
كيف سأتقي نظرات الحاقدين والحسدة من الناس؟
كيف سأفَرِّقُ بين الصديق المخلص و(المصلحنجي)؟
ترى في أي طبقة اجتماعية ستكون غداً يا (صدى الحجاز)؟!..
وقبل أن أنتهي من التخطيط للمتغيرات المستقبلية نظرت فإذا ساعة الانتظار قد مضت ..
- ألو ... السلام عليـ...
- وعليكم السلام .. إلخ.
- هل انتهيتم من تحويل المبلغ وإجراءاته؟
- لقد تم تحويل مائة ألف دولار فقط وبقي خمسون ألف أخرى.
- عجباً .. لِمَ لَمْ يتم تحويل الباقي؟
- لخلل فني وسنحتاج إلى نصف ساعة أخرى لإكمال التحويل.
- أسرعوا إذن ..
وتمضي نصف ساعة أخرى والجوال مفتوح على الخط المجاني ثم:
- هاه .. بشروا .. عسى أن تكونوا قد انتهيتم؟
- كلا .. لقد بقي عشرون ألف أخرى.
فصرخت فيه بأعلى صوتي من شدة غضبي كما لو أني مدير شركة كبيرة أعاتب بعض خدمي المقصرين:
- أف .. لماذا هذا التأخر الشديد؟!.. إلى متى أظل أنتظركم ؟!.. وكيف ولماذا وعلام ووو...إلخ.
- عفواً سيدي .. سامحنا .. كل هذا التعب من أجل خدمتك وإيصال المبلغ إلى حضرتك.
- سأرى إن كنتم صادقين أم لا..
وبينما أنا جالس أنتظر انتهاء الموظف من تحويل كامل المبلغ إذ غلبني النوم ولم أشعر إلا بصوت المنبه يعلن عن قرب أذان الفجر.- وعليكم السلام .. إلخ.
- هل انتهيتم من تحويل المبلغ وإجراءاته؟
- لقد تم تحويل مائة ألف دولار فقط وبقي خمسون ألف أخرى.
- عجباً .. لِمَ لَمْ يتم تحويل الباقي؟
- لخلل فني وسنحتاج إلى نصف ساعة أخرى لإكمال التحويل.
- أسرعوا إذن ..
وتمضي نصف ساعة أخرى والجوال مفتوح على الخط المجاني ثم:
- هاه .. بشروا .. عسى أن تكونوا قد انتهيتم؟
- كلا .. لقد بقي عشرون ألف أخرى.
فصرخت فيه بأعلى صوتي من شدة غضبي كما لو أني مدير شركة كبيرة أعاتب بعض خدمي المقصرين:
- أف .. لماذا هذا التأخر الشديد؟!.. إلى متى أظل أنتظركم ؟!.. وكيف ولماذا وعلام ووو...إلخ.
- عفواً سيدي .. سامحنا .. كل هذا التعب من أجل خدمتك وإيصال المبلغ إلى حضرتك.
- سأرى إن كنتم صادقين أم لا..
هرعت إلى جوالي وقد انقطع الاتصال.
اتصلت عليه مرة تلو الأخرى دون جدوى ..
وبعد صلاة الفجر أخذت أكرر محاولاتي للاتصال بالمبشِّر لأتأكد من حصولي على مائة وخمسين ألف دولار أمريكي، ولكن لا جدوى، بل كلما اتصلت بالرقم أسمع إجابة تلقائية مبرمجة باللغة الإنجليزية لم أفهم معناها، ثم أجريت اتصالا بشركة الاتصالات لأتأكد من فاتورتي فنـزل الخبر علي كالصاعقة حيث أفادني بأن مبلغ الفاتورة (1400) ألف وأربعمائة ريال، بعد أن كان البارحة (200) مائتي ريال فقط.
فأدركت المقلب الجامد الذي شربته من ذلك الملعون، إذ لم يكن الرقم مجانياًَ كما ادعى، بل تم تمرير مكالمة دولية عن طريق جوالي، بتلك المسابقة المختلقة، وتم خداعي بتلك الجائزة الموهومة.
وبعد أن شكوت إلى مشرف فرع الاتصالات بالعزيزية أفادني بأنه أيضاً شرب من نفس الكأس التي شربت منها، بل شرب أكثر مما شربت.
فكان ذلك عزائي ..
ألا لعنة الله عليهم.
التعديل الأخير:
اسم الموضوع : صدى الحجاز يفوز بمبلغ مائة وخمسين ألف دولار في مسابقة لشركة الاتصالات
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.
