كعادتي استيقظت صبيحة هذا اليوم ووظبت نفسي قاصداً الذهاب إلى المشرحة
ذهبت من قبل ولكنني لم اتأثر كما تأثرت في هذا اليوم
دخلنا قاعة التشريح وبدأ دكتورنا الفاضل بتشريح الجثة
لرجل في العقد الرابع من عمره .
بعد اكتمال التشريح تبين لنا أن سبب الوفاة هي فيروس نقص المناعة
والذي يدمر الجهاز المناعي في جسم الإنسان (( الإيدز ))
قلت لا جديد كالعادة أخذ الله أمانته اسأل الله له الرحمة
ذهبنا في فترة الإستراحة لتناول وجبة الإفطار
وبعد أن عدنا إلى حيث كنا وجدنا طفلاً داخل صندوق
أحضره أفرادٌ من الشرطة حيث وجدوا ذلك الصندوق ملقاةً في إحدى الشوارع
في بداية الأمر ظننت أن الوفاة لسببٍ ما ولد ميتاً أو مات في رحم أمه أو بسبب عدوى وما شابه
ولكن المفاجأة بعد أن قام دكتورنا الفاضل بتشريح الجثة
تبين لنا أنه مات بفعل فاعل وقصدٍ من قاصد
مات الطفل البرئ أو بالأحرى (( قتلوه )) بالخنق وبضربة أليمة في الرأس
تساءلت بيني وبين نفسي كثيراً
ما ذنب هذا الطفل البرئ ليلقى هذا المصير ؟
أوليست الأم معروفة بحنانها أين ذلك الحنان ؟؟
وكيف تجرأت لفعلتها الشنيعة وكيف سمحت لها نفسها أن تفعل ذلك ؟
هي الأم المجرمة استمتعت بلحظات الغفلة وساعات الشهوة كما أرادت
والطفل البرئ من يتحمل العقاب عنها ...
هل نقول بأن الله كتب له الخيرة في وفاته
فهو وإن عاش فلا أصل له ولا فصل ولا حسب ولا نسب
وكما يقولون إخواننا (( أومك واهد وأبوك أشره ))
فسيظل يعاني كثيراً ؟
هذه تساؤلات وغيرها لم أجد لها تفسيراً فضلاً أن أجد لها إجابة
إلى هذه اللحظة استوعبت ما رأيت وتقبلت تلك الصدمة
ولكن المصيبة ومن باب الفضول سألت الدكتور وليتني لم اسأله
فقلت له : يا دكتور مثل هذه الحالات في الشهر كم مرة تأتيكم ؟!
فضحك ضحكةً فيها نوعٌ من الإستهزاء
قلت له : ما المضحك في سؤالي !!
قال : قلت لي شهر قلت له : نعم
قال : هذه هو المضحك في سؤالك
نحن نقوم بتشريح طفل أو طفلين يومياً من الأطفال اللقطاء
أخبرني ألا اتأثر وأن اعيش حياتي
هنا فضلت الصمت من هول ما سمعت وقصدت منزلي المحترم
فلا أعلم كيف لي أن أصف لكم هذا الزمان
فنحن في زمن انتشر فيها الفساد والفتن بشكلٍ فظيع
وأنا هنا لا أعمم فالخير في أمة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة
(( اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ))
نسأل الله ربنا أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن
وأن يصرف عنا البلاء والزنا والوباء
وأن يستر علينا وعلى أحبابنا من الأهل والأصدقاء .
تحياتي واحترامي
الأحد 9 / 11 / 2011 م