ستظل المملكة العربية السعودية ـ بإذن الله تعالى ـ نموذجاً مشرقاً
للنهضة الحضارية الإسلامية المعاصرة رغم أنف الحاقدين والمتآمرين
( نظرة على المملكة العربية السعودية بعيون برماوية )
للنهضة الحضارية الإسلامية المعاصرة رغم أنف الحاقدين والمتآمرين
( نظرة على المملكة العربية السعودية بعيون برماوية )
إقترنت شهرة المملكة العربية السعودية على الصعيد الدولي بالبترول ، وهذه المادة الحيوية التي لا غنى عنها في المجتمعات الحضارية المعاصرة ، تختزن منها أراضي المملكة العربية السعودية ثلث إحتياطيي العالم وفقاً لما يؤكده خبراء الطاقة ، ليشكل أكبر إحتياطي بترولي مكتشف حتى الآن .
فإذا كانت أمم الأرض تنظر إلى المملكة العربية السعودية بالنظرة المادية المتمثلة في سلعة البترول ، كمنتج إستراتيجي لها وبخاصة عند صعود وهبوط أسعارها عالمياً كما يحصل في هذه الأيام ، فإن الشعوب الإسلامية تنظر إلى المملكة بنظرة أخرى ، وهي النظرة الروحانية الأزلية ، لما تحتضن أراضيها في مكة والمدينة ، أقدس مقدسات المسلمين ، المتمثلة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الأخرى .
ومما لا شك فيه أن وجود الحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية في المملكة العربية السعودية ، قد أضفى إليها بعداً روحياً ضمن كافة الأطر التي تتشكل منها منظومة الدولة والمجتمع المدني ، الأمر الذي يعد تشريفاً من الله سبحانه وتعالى لشعبها ولقيادتها ، وفي نفس الوقت هو حمل للأمانة ، واضطلاع بالمسؤولية الكبرى من قبل قيادة المملكة وشعبها ، تجاه دين الله . وإن دوراً عظيماً كهذا لن يؤديه إلا من هو أهل له ، ولذلك فإننا كمسلمين نعتقد بأن الله سبحانه وتعالى شرف شعب المملكة العربية السعودية وقيادتها بالطبع لأداء هذه المهمة العظيمة على وجه التحديد . ومن هنا برزت خصوصية هذا البلد وأهله على الصعيد الدولي ، الأمر الذي ينبغي أن تتفهمه بقية شعوب الأرض في إطار هذه الحقيقة ، ضمن أسس وقواعد العلاقات الدولية بين الأمم والشعوب ، والمستمدة أصلاً من القيم والأعراف الإنسانية المشتركة .
أن ثقل البعد الروحي للمملكة العربية السعودية يشكل قوة معنوية كبيرة للمجتمع السعودي ، وفي نفس الوقت فهو يشكل عاملاً أساساً للتلاحم والوحدة الوطنية ، كما أن الثروة البترولية الكبيرة التي وهبها الله إياها تشكل هي الأخرى قوة مادية ضخمة ، لتضاف إلى رصيد قوتها ، مما تعزز مكانة هذا البلد على الصعيد الدولي إقتصادياً وسياسياً وروحياً .
وقد ظلت قيادة المملكة العربية السعودية تسخر كل رصيد قوتها لصالح شعبها وأبناء أمتها الإسلامية ، وذلك منذ أن تأسست في مطلع القرن الماضي على يد الملك عبد العزيز رحمه الله ، وعلى مدى عقود مضت ، كانت هناك جهود مخلصة وجبارة للخروج بالبلد من النمط التقليدي إلى النمط الحداثي أسوة بالكثير من الشعوب النامية ، حيث تحققت نجاحات باهرة في مختلف الأصعدة ، إذ تبوأت المملكة العربية السعودية المكانة العالمية المرموقة بين الأمم والدول ، وعلى أثره حظي المواطن السعودي إحتراماً وتقديراً يليق بمكانة بلده أينما حل و وجد ، كما أصبح الإقتصاد السعودي ركيزة من ركائز الإقتصاد العالمي ، بل هو بات يشكل رقماً صعباً ضمن معادلة الإقتصادات الدولية ، ولعل هذه تشكل أهدافاً كلية للدول والشعوب قاطبة في الغالب من خلال تطلعها إلى الرقي والإزدهار بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية .
ونحن بدورنا كمسلمين كنا ننظر إلى تجربة المملكة الإسلامية ، وفي تحديها الحضاري بنظرة إعجاب وتقدير ، وخاصة في مرحلة إنحطاط المسلمين وإنكفاءهم عن ركب الحضارة العالمية ، وعلى أمل أن تصبح تلك التجربة الرائدة نموذجاً يحتذى به لكل المسلمين ، وخاصة في إطار منهج الوسطية والإعتدال الملح للمسلمين اليوم .
وفجأة بعيد كارثة أحداث الحادي عشر من سبتمبر المشئومة سلطت كافة الأضواء إلى هذا البلد وشعبه ، حيث تناولت الجهات المغرضة الشأن السعودي بالذم والقدح ، وشنت في هذا الإطار حملات ظالمة طالت كل مفاصل المجتمع السعودي ، كما نشط الإعلام المعادي على كافة الجبهات . ولم يكن هذا نهاية المطاف ، بل برزت جماعات محلية في الداخل والخارج مستغلة الأجواء الدولية المضطربة ، لتوجه طعنات غادرة من الداخل والخارج على حد سواء ، تجاه مكتسبات الشعب السعودي ومنجزاته الحضارية ، ولتشويه صورته أمام الملأ. وللأسف أن تلك الجماعات قد إتخذت من الإسلام قناعاًً لها ، مما أصبحت الهوية الإسلامية السعودية على المحك. وبسبب ما تشهده الساحة السعودية لبعض مظاهر العنف والتطرف على أيدي هؤلاء ، أصبحت قطاعات معينة في المجتمع السعودي هدفاً للتشهير والإساءة المستمرة من قبل الإعلام المعادي ، حيث سخر كل إمكانياته لتشويه صورة المملكة ومؤسساتها الإجتماعية ، لدرجة أن العالم بات لا يسمع ولا يرى عن المملكة من خلاله إلا صور التشدد والتطرف . في حين أن تاريخ المملكة في معظمه قصة كفاح وبناء أمة عظيمة ، وإرساء قواعد كيان شامخ وحضارة نموذجية ، وتحقيق إنجازات على مدى قرن من الزمان ، الأمر الذي يستحق الذكر والإشادة ، والتأمل والوقفة ،والتعبير عن التضامن معه ، كنموذج مشرق للنهضة الحضارية الإسلامية المعاصرة ، على عكس ما يتم ترويجه الآن من قبل تلك الجهات المغرضة و الإعلام المعادي.
ولو رجعنا إلى الخلفية التاريخية للمملكة العربية السعودية قليلاً ، نجد أن المؤرخين يشيرون إلى عام 1740م حين تعاهد الإمام محمد بن عبد الوهاب ، المصلح الديني والإجتماعي المعروف في الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر ، والإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى ، على إقامة دولة إسلامية تحكم بالشرع على ضوء الكتاب والسنة . غير أن الدولة السعودية الحديثة والتي تعرف الآن بالمملكة العربية السعودية ، ترجع بدايتها إلى عام 1902م ، حين إنطلق الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن أل سعود ، لإخضاع المناطق والأقاليم المتناثرة والمتناحرة فيما بينها بالجزيرة العربية ، تحت مظلة وطن واحد ، وقد وفق الله هذا القائد الفذ في مساعيه وخلال فترة وجيزة إستطاع توحيد معظم أرجاع الجزيرة العربية تحت مظلة قيادته ، وعلى أثره أعلن في عام 1351هـ عن قيام كيان موحد تحت إسم المملكة العربية السعودية والتي تمتد رقعتها اليوم من سواحل البحر الأحمر غرباً إلى سواحل الخليج العربي شرقاً ، ومن حدود الأردن شمالاً وإلى حدود اليمن جنوباً ، لتحتل مساحة تقدر بـ 2.25 مليون كيلو متر مربع من شبه الجزيرة العربية ، ضمن رقعة تعتبر بمثابة قارة شاسعة الأطراف . وذلك كتجسيد واقعي لأول وحدة عربية حقيقية في مستهل إنحسار الإستعمار من المنطقة العربية .
كذلك لو نظرنا إلى الظروف المناخية والطبيعية للمملكة نجد ، أن معظم أراضيها واقعة ضمن المناطق الصحراوية الجافة التي يسودها مناخ حار وقاس جداً، بل أن بيئتها الصحراوية (Desert ecosystem) تصنف ضمن أشد مناطق العالم جفافاً وشحاً في الأمطار وندرة في المياه مما تفتقر إلى الغطاء النباتي والأنهار والمجاري المائية ، لذا فإن معظم أراضيها الداخلية تكاد تكون خالية من السكان بإستثناء بعض الواحات التي تمركزت حولها التجمعات السكانية لبعض القبائل العربية المعروفة والتي يوصف أبناؤها بشديدي الميراس .
أن بلداً بهذه الأوصاف السالفة الذكر أن يتم توحيده على يد الملك عبد العزيز ورجاله المخلصين بإمكانات متواضعة وخاصة في ظل ما كان يشهده العالم من إضطرابات وظروف دولية معقدة ، يعد بحق ظاهرة نادرة الحدوث في تاريخ الأمم والشعوب ، إن لم تكن هي معجزة . وخاصة أنه إستطاع بحنكته البارعة من تحييد بلده الناشئ خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية . ونأي بنفسه عن كل الصراعات الدولية المريرة التي عصفت بالعالم ، وذاقت ويلاتها البشرية طوال النصف الأول من القرن الماضي . وبذلك أنقذ شعبه المفتقر أصلاً في ذلك الوقت إلى الموارد والإمكانات من شرور الحرب وعواقبها ، مما حظي بإحترام العالم وبالتالي أهل بلده لتولي دور محوري في مرحلة ما بعد الحرب ، وهو الذي تجسد في لقاءاته مع زعماء العالم البارزين في ذلك الوقت مثل هاري ترومان وتشرشل .
وقد ظل الملك عبد العزيز قرابة إثنين وخمسين عاماً ـ وهي في الواقع سنوات حكمه ـ يعمل على إرساء أسس وقواعد الدولة الحديثة ، حيث تحققت على يديه إنجازات ونجاحات كبيرة وكثيرة في مختلف الأصعدة والميادين لصالح الشعب السعودي وذلك بالرغم من ضآلة الإمكانات المادية آنذاك، ولا يسع المجال في سردها عبر مقالة سريعة كهذه ،. ولكن من أبرز ما حفل عهده الميمون هو توجهه إلى معالجة قضايا معينة بعينها ، وإعطاءها الأولية دون غيرها لإدراكه بأهميتها للنهوض بالشعوب والأمم ، ومنها على سبيل المثال : إهتمامه ببلورة وصياغة وتعزيز الوحدة الوطنية للشعب السعودي على دعائم وثوابت راسخة من الدين الحنيف ، كعقد إجتماعي بين الحاكم والمحكوم . وكان من شأنه أن أعاد زرع الولاء والإنتماء والثقة في نفوس المواطنين بالجزيرة العربية ، الذين حرموا من أية وحدة وطنية حقيقية في ترابهم في إطار كيان راسخ البنيان ، بسبب الإهمال والتهميش الذين عؤمل بهما من قبل الحكومات المتعاقبة عليهم عبر الزمن . مما ظلوا شعباً بلا هوية ولا إنتماء وفاقدي الثقة بالنفس في معظم الأدوار والمراحل التاريخية .
ومن القضايا التي حظيت أيضاً باهتمامات الملك عبد العزيز بصورة خاصة ، حرصه على تأليف القبائل والعشائر العربية بالجزيرة العربية التي طالما ظلت تتقاتل وتتناحر وتتنافس فيما بينها حيث نجح رحمه الله بجدارة من تحويل منظومة القبيلة والعشيرة إلى عامل إيجابي لصالح المجتمع ، كمؤسسة في إطار مؤسسات المجتمع المدني ، وذلك لتعزيز الوحدة الوطنية بعيداً عن العصبيات والنعرات التي درجت عليها.
ومن المفارقات العجيبة وللأسف الشديد أن أولئك الشواذ الذين رفعوا معاول الهدم ضد شعب المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر بدؤوا يوجهون طعناتهم الغادرة نحو هذه النقاط الحساسة للنيل منها ،حيث يحاولون زعزعة تماسك الوحدة الوطنية لشعب المملكة العربية السعودية ، بالتشكيك في هوية مواطنيها ، وولاء اتهم لحكامها ، لعلم هؤلاء المفسدين أن نجاحات الملك عبد العزيز في بناء أمة عظيمة وبلد مزدهر إنطلقت من هنا .
فإذا كانت أمم الأرض تنظر إلى المملكة العربية السعودية بالنظرة المادية المتمثلة في سلعة البترول ، كمنتج إستراتيجي لها وبخاصة عند صعود وهبوط أسعارها عالمياً كما يحصل في هذه الأيام ، فإن الشعوب الإسلامية تنظر إلى المملكة بنظرة أخرى ، وهي النظرة الروحانية الأزلية ، لما تحتضن أراضيها في مكة والمدينة ، أقدس مقدسات المسلمين ، المتمثلة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الأخرى .
ومما لا شك فيه أن وجود الحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية في المملكة العربية السعودية ، قد أضفى إليها بعداً روحياً ضمن كافة الأطر التي تتشكل منها منظومة الدولة والمجتمع المدني ، الأمر الذي يعد تشريفاً من الله سبحانه وتعالى لشعبها ولقيادتها ، وفي نفس الوقت هو حمل للأمانة ، واضطلاع بالمسؤولية الكبرى من قبل قيادة المملكة وشعبها ، تجاه دين الله . وإن دوراً عظيماً كهذا لن يؤديه إلا من هو أهل له ، ولذلك فإننا كمسلمين نعتقد بأن الله سبحانه وتعالى شرف شعب المملكة العربية السعودية وقيادتها بالطبع لأداء هذه المهمة العظيمة على وجه التحديد . ومن هنا برزت خصوصية هذا البلد وأهله على الصعيد الدولي ، الأمر الذي ينبغي أن تتفهمه بقية شعوب الأرض في إطار هذه الحقيقة ، ضمن أسس وقواعد العلاقات الدولية بين الأمم والشعوب ، والمستمدة أصلاً من القيم والأعراف الإنسانية المشتركة .
أن ثقل البعد الروحي للمملكة العربية السعودية يشكل قوة معنوية كبيرة للمجتمع السعودي ، وفي نفس الوقت فهو يشكل عاملاً أساساً للتلاحم والوحدة الوطنية ، كما أن الثروة البترولية الكبيرة التي وهبها الله إياها تشكل هي الأخرى قوة مادية ضخمة ، لتضاف إلى رصيد قوتها ، مما تعزز مكانة هذا البلد على الصعيد الدولي إقتصادياً وسياسياً وروحياً .
وقد ظلت قيادة المملكة العربية السعودية تسخر كل رصيد قوتها لصالح شعبها وأبناء أمتها الإسلامية ، وذلك منذ أن تأسست في مطلع القرن الماضي على يد الملك عبد العزيز رحمه الله ، وعلى مدى عقود مضت ، كانت هناك جهود مخلصة وجبارة للخروج بالبلد من النمط التقليدي إلى النمط الحداثي أسوة بالكثير من الشعوب النامية ، حيث تحققت نجاحات باهرة في مختلف الأصعدة ، إذ تبوأت المملكة العربية السعودية المكانة العالمية المرموقة بين الأمم والدول ، وعلى أثره حظي المواطن السعودي إحتراماً وتقديراً يليق بمكانة بلده أينما حل و وجد ، كما أصبح الإقتصاد السعودي ركيزة من ركائز الإقتصاد العالمي ، بل هو بات يشكل رقماً صعباً ضمن معادلة الإقتصادات الدولية ، ولعل هذه تشكل أهدافاً كلية للدول والشعوب قاطبة في الغالب من خلال تطلعها إلى الرقي والإزدهار بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية .
ونحن بدورنا كمسلمين كنا ننظر إلى تجربة المملكة الإسلامية ، وفي تحديها الحضاري بنظرة إعجاب وتقدير ، وخاصة في مرحلة إنحطاط المسلمين وإنكفاءهم عن ركب الحضارة العالمية ، وعلى أمل أن تصبح تلك التجربة الرائدة نموذجاً يحتذى به لكل المسلمين ، وخاصة في إطار منهج الوسطية والإعتدال الملح للمسلمين اليوم .
وفجأة بعيد كارثة أحداث الحادي عشر من سبتمبر المشئومة سلطت كافة الأضواء إلى هذا البلد وشعبه ، حيث تناولت الجهات المغرضة الشأن السعودي بالذم والقدح ، وشنت في هذا الإطار حملات ظالمة طالت كل مفاصل المجتمع السعودي ، كما نشط الإعلام المعادي على كافة الجبهات . ولم يكن هذا نهاية المطاف ، بل برزت جماعات محلية في الداخل والخارج مستغلة الأجواء الدولية المضطربة ، لتوجه طعنات غادرة من الداخل والخارج على حد سواء ، تجاه مكتسبات الشعب السعودي ومنجزاته الحضارية ، ولتشويه صورته أمام الملأ. وللأسف أن تلك الجماعات قد إتخذت من الإسلام قناعاًً لها ، مما أصبحت الهوية الإسلامية السعودية على المحك. وبسبب ما تشهده الساحة السعودية لبعض مظاهر العنف والتطرف على أيدي هؤلاء ، أصبحت قطاعات معينة في المجتمع السعودي هدفاً للتشهير والإساءة المستمرة من قبل الإعلام المعادي ، حيث سخر كل إمكانياته لتشويه صورة المملكة ومؤسساتها الإجتماعية ، لدرجة أن العالم بات لا يسمع ولا يرى عن المملكة من خلاله إلا صور التشدد والتطرف . في حين أن تاريخ المملكة في معظمه قصة كفاح وبناء أمة عظيمة ، وإرساء قواعد كيان شامخ وحضارة نموذجية ، وتحقيق إنجازات على مدى قرن من الزمان ، الأمر الذي يستحق الذكر والإشادة ، والتأمل والوقفة ،والتعبير عن التضامن معه ، كنموذج مشرق للنهضة الحضارية الإسلامية المعاصرة ، على عكس ما يتم ترويجه الآن من قبل تلك الجهات المغرضة و الإعلام المعادي.
ولو رجعنا إلى الخلفية التاريخية للمملكة العربية السعودية قليلاً ، نجد أن المؤرخين يشيرون إلى عام 1740م حين تعاهد الإمام محمد بن عبد الوهاب ، المصلح الديني والإجتماعي المعروف في الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر ، والإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى ، على إقامة دولة إسلامية تحكم بالشرع على ضوء الكتاب والسنة . غير أن الدولة السعودية الحديثة والتي تعرف الآن بالمملكة العربية السعودية ، ترجع بدايتها إلى عام 1902م ، حين إنطلق الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن أل سعود ، لإخضاع المناطق والأقاليم المتناثرة والمتناحرة فيما بينها بالجزيرة العربية ، تحت مظلة وطن واحد ، وقد وفق الله هذا القائد الفذ في مساعيه وخلال فترة وجيزة إستطاع توحيد معظم أرجاع الجزيرة العربية تحت مظلة قيادته ، وعلى أثره أعلن في عام 1351هـ عن قيام كيان موحد تحت إسم المملكة العربية السعودية والتي تمتد رقعتها اليوم من سواحل البحر الأحمر غرباً إلى سواحل الخليج العربي شرقاً ، ومن حدود الأردن شمالاً وإلى حدود اليمن جنوباً ، لتحتل مساحة تقدر بـ 2.25 مليون كيلو متر مربع من شبه الجزيرة العربية ، ضمن رقعة تعتبر بمثابة قارة شاسعة الأطراف . وذلك كتجسيد واقعي لأول وحدة عربية حقيقية في مستهل إنحسار الإستعمار من المنطقة العربية .
كذلك لو نظرنا إلى الظروف المناخية والطبيعية للمملكة نجد ، أن معظم أراضيها واقعة ضمن المناطق الصحراوية الجافة التي يسودها مناخ حار وقاس جداً، بل أن بيئتها الصحراوية (Desert ecosystem) تصنف ضمن أشد مناطق العالم جفافاً وشحاً في الأمطار وندرة في المياه مما تفتقر إلى الغطاء النباتي والأنهار والمجاري المائية ، لذا فإن معظم أراضيها الداخلية تكاد تكون خالية من السكان بإستثناء بعض الواحات التي تمركزت حولها التجمعات السكانية لبعض القبائل العربية المعروفة والتي يوصف أبناؤها بشديدي الميراس .
أن بلداً بهذه الأوصاف السالفة الذكر أن يتم توحيده على يد الملك عبد العزيز ورجاله المخلصين بإمكانات متواضعة وخاصة في ظل ما كان يشهده العالم من إضطرابات وظروف دولية معقدة ، يعد بحق ظاهرة نادرة الحدوث في تاريخ الأمم والشعوب ، إن لم تكن هي معجزة . وخاصة أنه إستطاع بحنكته البارعة من تحييد بلده الناشئ خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية . ونأي بنفسه عن كل الصراعات الدولية المريرة التي عصفت بالعالم ، وذاقت ويلاتها البشرية طوال النصف الأول من القرن الماضي . وبذلك أنقذ شعبه المفتقر أصلاً في ذلك الوقت إلى الموارد والإمكانات من شرور الحرب وعواقبها ، مما حظي بإحترام العالم وبالتالي أهل بلده لتولي دور محوري في مرحلة ما بعد الحرب ، وهو الذي تجسد في لقاءاته مع زعماء العالم البارزين في ذلك الوقت مثل هاري ترومان وتشرشل .
وقد ظل الملك عبد العزيز قرابة إثنين وخمسين عاماً ـ وهي في الواقع سنوات حكمه ـ يعمل على إرساء أسس وقواعد الدولة الحديثة ، حيث تحققت على يديه إنجازات ونجاحات كبيرة وكثيرة في مختلف الأصعدة والميادين لصالح الشعب السعودي وذلك بالرغم من ضآلة الإمكانات المادية آنذاك، ولا يسع المجال في سردها عبر مقالة سريعة كهذه ،. ولكن من أبرز ما حفل عهده الميمون هو توجهه إلى معالجة قضايا معينة بعينها ، وإعطاءها الأولية دون غيرها لإدراكه بأهميتها للنهوض بالشعوب والأمم ، ومنها على سبيل المثال : إهتمامه ببلورة وصياغة وتعزيز الوحدة الوطنية للشعب السعودي على دعائم وثوابت راسخة من الدين الحنيف ، كعقد إجتماعي بين الحاكم والمحكوم . وكان من شأنه أن أعاد زرع الولاء والإنتماء والثقة في نفوس المواطنين بالجزيرة العربية ، الذين حرموا من أية وحدة وطنية حقيقية في ترابهم في إطار كيان راسخ البنيان ، بسبب الإهمال والتهميش الذين عؤمل بهما من قبل الحكومات المتعاقبة عليهم عبر الزمن . مما ظلوا شعباً بلا هوية ولا إنتماء وفاقدي الثقة بالنفس في معظم الأدوار والمراحل التاريخية .
ومن القضايا التي حظيت أيضاً باهتمامات الملك عبد العزيز بصورة خاصة ، حرصه على تأليف القبائل والعشائر العربية بالجزيرة العربية التي طالما ظلت تتقاتل وتتناحر وتتنافس فيما بينها حيث نجح رحمه الله بجدارة من تحويل منظومة القبيلة والعشيرة إلى عامل إيجابي لصالح المجتمع ، كمؤسسة في إطار مؤسسات المجتمع المدني ، وذلك لتعزيز الوحدة الوطنية بعيداً عن العصبيات والنعرات التي درجت عليها.
ومن المفارقات العجيبة وللأسف الشديد أن أولئك الشواذ الذين رفعوا معاول الهدم ضد شعب المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر بدؤوا يوجهون طعناتهم الغادرة نحو هذه النقاط الحساسة للنيل منها ،حيث يحاولون زعزعة تماسك الوحدة الوطنية لشعب المملكة العربية السعودية ، بالتشكيك في هوية مواطنيها ، وولاء اتهم لحكامها ، لعلم هؤلاء المفسدين أن نجاحات الملك عبد العزيز في بناء أمة عظيمة وبلد مزدهر إنطلقت من هنا .
يتبع ( الجز الثاني من هذا المقال )
عاشق الحرمين
اسم الموضوع : رسالة خاصة إلى أبناء الجالية البرماوية المقيمة في المملكة العربية السعودية
|
المصدر : .: روائع المنتدى :.

