صدى الحجاز
مراقب سابق
اشتقت إلى أحبابي وإخواني، وجلست أراجع شريط ذكرياتي منذ طفولتي حتى مفارقة زملائي في الدراسة والتحفيظ والحي .. تُرى أين هم الآن؟ لقد تفرقوا في الأقطار وتناثروا بين مناطق المملكة يعلِّمون الناس كتاب الله..
وسألت نفسي: هل من الممكن جمعهم أو بعضِهِم يوماً ما ؟
وكان بحق سؤالاً غبياً.
فأنَّى لي أن أجمعهم وقد تفرقوا وانشغلوا بأمور حياتهم كما فعلتُ أنا.
واستسلمت للواقع يائساً من إمكانية تحقيق حلمي، متراجعا عن تفكيري اللا منطقي.
فدُعيت يوما إلى مناسبة تاريخية للبرماويين، واسَّاءلت: من هؤلاء الذين سيجتمعون وأين ومتى وكيف.. إلخ.
تساؤلات دارت في خلدي لأعرف طبيعة هذه المناسبة.
فقيل لي: إن الذين ستجتمع بهم هم من تبحث عنهم طيلة سنوات، ولطالما حلمتَ بلقائهم وطال انتظاركَ لهم حتى يئستَ وكفَّرْتَ عن حُلُمِكَ!!...
فَحَلَفْتُ لأحضُرَنَّها ولو حبوا على الرُّكَب.
أخذت ما أحتاجه لحضور تلك المناسبة، وذهبت وكلي أملٌ وشوقٌ حتى وصلت، فإذا بي أرى جمعا من الرجال متلفِّمين ومقنعين واللثام باللام والثاء (ككتاب) ما على الفم من النقاب، واللِّفام باللام والفاء - ما كان على الأرنبة قاله الفراء كما في الصحاح -، والنساء في كامل حجابهن فلو رآهن أزواجهن ومحارمهن لما عرفهن .. لم أعرف منهم إلا من أماط اللِّفام عن وجهه وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد .. التفت يمنة ويسرة عسى أن أعرف بعضهم دون جدوى .. أجزم يقينا أنني لولا لفمُهُم وأقنعتهم لعرفت أكثرهم .. فلم أَرَ بداً من أن أفعلَ كما فعلوا .. فتلفَّمت ودخلتُ فأمطروني وابلاً من التهاني والتراحيب بمقدمي وحلولي ضيفا عليهم .. عجبا لهؤلاء القوم .. كل هذا الترحيب وهم لم يعرفوني؟ .. ما أكرمهم وأوسعهم صدراً !!..
جلست بينهم أتبادل التهاني والتبريكات ثم بدأنا في ذكريات الأيام الغابرة وتبادل الآراء حول الجالية ومناقشة مختلف المواضيع التي تهمنا جميعا.
.. وما هي إلا لحظات حتى تباينت آراء بعضهم واختلفت، فتارة يختلفون في المضمون، وتارة في الأسلوب وتارة في النتيجة وتارة في المقصد وغير ذلك، ثم احتد النقاش بين البعض فارتفعت أصواتهم وتعالت صيحاتهم، ثم لم يلبثوا أن اشتبكوا بالأيادي فانقلبوا مصارعين بارعين وإذا اللكمات والإطاحة أرضا ثم القفز من فوق الحبال والقذف بالكراسي وكسر أنوف وعضَّات .. وتجمهر الباقون يتفرجون ونازل بعضَ العمالقةِ أقزامٌ لم يتجاوزوا رُكَبَهم فلم يكن جزاؤهم إلا أن قُذِفَ بهم خارج الحلبة ليسقطوا على أم رؤوسهم .. فهاجوا وماجوا وأرغوا وأزبدوا وأتوا بالخفيف والثقيل من الأسلحة في محاولة للإطاحة بخصومهم لولا الرقابة المشددة ويقظة الحراس الذين قاموا بانتزاعها منهم .. وربما ابنطح بعضهم على الحلبة ممن لا يحسنون المنازلة فسحبهم الحراس من أقدامهم إلى خارج الحلبة ..
وعجز الحكم عن تهدئة الوضع .. ولا زالت مصارعة المتلفِّمين على أشدها .. ومنهم من ارتفعت لثُمُهُم قليلاً لتغطي عيونهم فغدوا يسددون اللكمات في الهواء ويركلون زوايا الحلبة ويرفسون حبالها .. ولعلهم حين يميطون اللثم والأقنعة عن وجوههم المليئة بالجروح والكدمات يكتشفون أنهم زملاء بعض وأبناء أعمام وأشقاء ..
ولعلكم عرفتم الآن ما هي حلبة المصارعة؟ ومن هم المتصارعين؟ وما اللفام والأقنعة؟
ولعلي أيضا شاركت في المصارعة من حيث لم أشعر، وربما نِلتُ من زميلٍ أو قريبٍ منعني من معرفته لفامُه وقناعه، فإن كنت قد أسأت إلى أحدٍ اختلفت معه في رأي أو وجهة نظر فإني ألتمس منه العذر وأن يجعلني في حل.
وأسأل الله أن يغفر لنا زلاتنا وأن يتوب علينا، وأن يؤلف بين قلوبنا ويجمعنا جميعا في طاعته.
وسألت نفسي: هل من الممكن جمعهم أو بعضِهِم يوماً ما ؟
وكان بحق سؤالاً غبياً.
فأنَّى لي أن أجمعهم وقد تفرقوا وانشغلوا بأمور حياتهم كما فعلتُ أنا.
واستسلمت للواقع يائساً من إمكانية تحقيق حلمي، متراجعا عن تفكيري اللا منطقي.
فدُعيت يوما إلى مناسبة تاريخية للبرماويين، واسَّاءلت: من هؤلاء الذين سيجتمعون وأين ومتى وكيف.. إلخ.
تساؤلات دارت في خلدي لأعرف طبيعة هذه المناسبة.
فقيل لي: إن الذين ستجتمع بهم هم من تبحث عنهم طيلة سنوات، ولطالما حلمتَ بلقائهم وطال انتظاركَ لهم حتى يئستَ وكفَّرْتَ عن حُلُمِكَ!!...
فَحَلَفْتُ لأحضُرَنَّها ولو حبوا على الرُّكَب.
أخذت ما أحتاجه لحضور تلك المناسبة، وذهبت وكلي أملٌ وشوقٌ حتى وصلت، فإذا بي أرى جمعا من الرجال متلفِّمين ومقنعين واللثام باللام والثاء (ككتاب) ما على الفم من النقاب، واللِّفام باللام والفاء - ما كان على الأرنبة قاله الفراء كما في الصحاح -، والنساء في كامل حجابهن فلو رآهن أزواجهن ومحارمهن لما عرفهن .. لم أعرف منهم إلا من أماط اللِّفام عن وجهه وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد .. التفت يمنة ويسرة عسى أن أعرف بعضهم دون جدوى .. أجزم يقينا أنني لولا لفمُهُم وأقنعتهم لعرفت أكثرهم .. فلم أَرَ بداً من أن أفعلَ كما فعلوا .. فتلفَّمت ودخلتُ فأمطروني وابلاً من التهاني والتراحيب بمقدمي وحلولي ضيفا عليهم .. عجبا لهؤلاء القوم .. كل هذا الترحيب وهم لم يعرفوني؟ .. ما أكرمهم وأوسعهم صدراً !!..
جلست بينهم أتبادل التهاني والتبريكات ثم بدأنا في ذكريات الأيام الغابرة وتبادل الآراء حول الجالية ومناقشة مختلف المواضيع التي تهمنا جميعا.
.. وما هي إلا لحظات حتى تباينت آراء بعضهم واختلفت، فتارة يختلفون في المضمون، وتارة في الأسلوب وتارة في النتيجة وتارة في المقصد وغير ذلك، ثم احتد النقاش بين البعض فارتفعت أصواتهم وتعالت صيحاتهم، ثم لم يلبثوا أن اشتبكوا بالأيادي فانقلبوا مصارعين بارعين وإذا اللكمات والإطاحة أرضا ثم القفز من فوق الحبال والقذف بالكراسي وكسر أنوف وعضَّات .. وتجمهر الباقون يتفرجون ونازل بعضَ العمالقةِ أقزامٌ لم يتجاوزوا رُكَبَهم فلم يكن جزاؤهم إلا أن قُذِفَ بهم خارج الحلبة ليسقطوا على أم رؤوسهم .. فهاجوا وماجوا وأرغوا وأزبدوا وأتوا بالخفيف والثقيل من الأسلحة في محاولة للإطاحة بخصومهم لولا الرقابة المشددة ويقظة الحراس الذين قاموا بانتزاعها منهم .. وربما ابنطح بعضهم على الحلبة ممن لا يحسنون المنازلة فسحبهم الحراس من أقدامهم إلى خارج الحلبة ..
وعجز الحكم عن تهدئة الوضع .. ولا زالت مصارعة المتلفِّمين على أشدها .. ومنهم من ارتفعت لثُمُهُم قليلاً لتغطي عيونهم فغدوا يسددون اللكمات في الهواء ويركلون زوايا الحلبة ويرفسون حبالها .. ولعلهم حين يميطون اللثم والأقنعة عن وجوههم المليئة بالجروح والكدمات يكتشفون أنهم زملاء بعض وأبناء أعمام وأشقاء ..
ولعلكم عرفتم الآن ما هي حلبة المصارعة؟ ومن هم المتصارعين؟ وما اللفام والأقنعة؟
ولعلي أيضا شاركت في المصارعة من حيث لم أشعر، وربما نِلتُ من زميلٍ أو قريبٍ منعني من معرفته لفامُه وقناعه، فإن كنت قد أسأت إلى أحدٍ اختلفت معه في رأي أو وجهة نظر فإني ألتمس منه العذر وأن يجعلني في حل.
وأسأل الله أن يغفر لنا زلاتنا وأن يتوب علينا، وأن يؤلف بين قلوبنا ويجمعنا جميعا في طاعته.
التعديل الأخير:
اسم الموضوع : المصارعة الحرة العالمية
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.