الشكر والتقدير للإخوة الكرام الذين تفاعلوا مع مقالي المعنون :
ستظل المملكة العربية السعودية ـ بإذن الله تعالى ـ نموذجاً مشرقاً
للنهضة الحضارية الإسلامية المعاصرة رغم أنف الحاقدين والمتآمرين
(نظرة على المملكة العربية السعودية بعيون برماوية)
في هذا المنتدى
ستظل المملكة العربية السعودية ـ بإذن الله تعالى ـ نموذجاً مشرقاً
للنهضة الحضارية الإسلامية المعاصرة رغم أنف الحاقدين والمتآمرين
(نظرة على المملكة العربية السعودية بعيون برماوية)
في هذا المنتدى
بداية يسرني أن أشكر من أعماق قلبي كل الإخوة الذين تفاعلوا مع مضمون مقالي هذا بصورة إيجابية ، وأثنوني عليه بالإطرأ والمدح ، كما أشكر أولئك الإخوة الكرام الذين ساهموا ولا يزالون يساهمون في إثراء الموضوع بنقاشاتهم الهادفة وآراء هم السديدة، لفتح آفاق أخرى ضمن محاور الأفكار المطروحة ، مما يجسد و يترجم بصورة واضحة وجلية صدق ما توقعته من أبناء وشباب جاليتنا البرماوية في المملكة العربية السعودية ، بشأن رؤيتهم الموحدة وشعورهم المشترك تجاه المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً ، وما يكنون من مشاعر الحب الصادق والولاء المطلق ( في غير معصية الله ) لقادتها الميامين .
وفي الواقع إنني لمست من خلال الردود والمشاركات في ثنايا التعليقات المصاحبة للموضوع ، إلتفاتة إيجابية من قبل شبابنا تجاه ما طرحته في الموضوع ، مما يدل على تطور الحس المعرفي وإزدياد الوعي والإدراك لما يحيط بهم من الظروف والأوضاع المستجدة ، وهذا في حد ذاته خطوة متقدمة تسجل لصالح أبنائنا في هذا المجتمع ، فبارك الله في الجميع .
وأخص هنا بالشكر والتقدير أخي ( أبشركم ) ـ نتمنى أن لا يطول غيابه عن المنتدى ـ لمبادرته بالمشاركة في الردود كأول متداخل ، حرصاً منه ـ على ما يبدو لي ـ من تعميم الفوائد من مثل هذه الطروحات الإيجابية ، وحرصه كذلك لفتح آفاق أرحب للمشاركة بالآراء والنقاشات الهادفة من قبل الجميع . وحيث أن مشاركته تضمنت بعض الأفكار البناءة وخاصة لطرحه ثلاثة تساؤلات هامة تتعلق بأوضاع جاليتنا في المملكة العربية السعودية ، وما برز عنها بعض الظواهر السلبية التي وقفت دائماً كحجر عثرة أمام تحقيق وبلورة الرؤية الإجتماعية الموحدة تجاه كل قضايانا المصيرية . وعليه فإنني هنا أحاول أن أطرح رؤيتي ووجهة نظري تجاه تلك الظواهر السلبية إنطلاقاً من مفاهيمي الخاصة ، ولعلها تصب في إتجاه البحث عن حلول ممكنة بشأنها ، والأمر برمته متروك لكل المخلصين من أبنائنا وشبابنا لطرح وبلورة ما يرونه منا سباً من منظور قناعاتهم وتجاربهم الشخصية تجاه بحث وإيجاد الحلول المنطقية لها ، ولست هنا من أجل الإنفراد بالرأي ، ولا بصدد الإحتكار للحقيقة ، وإن كان هنالك موقف يسجل لي لا يعدو كونه وجهة نظري المحضة .. ليس إلا .
أخي ( أبشركم ) فإنني هنا لم أرسم صورة وردية لأوضاع جاليتنا من خلال ما طرحته بل حاولت فقط أن أربط أجيالنا الصاعدة مع تاريخ هذا البلد العريق ، الذي يعد بحق ملحمة أسطورية خالدة ، يتجسد فيها كل معاني البطولة والإنجاز الحضاري بشكل قل ما نجد لها مثيلاً في تاريخ نشوء الأمم والشعوب ، ولاتزال تتوالى فصولها بأبدع صورها .
ولأننا ضمن صيرورة هذه الملحمة وإمتداد لحاضرها وما ضيها ـ شئنا أم أبينا ـ فإنه يجب علينا أن نتفاعل ونتواصل معها بكل إيجابية وواقعية وعلى كافة الأصعدة لنثبت للقاصى والداني أننا ما ضون بالتمسك بثوابتنا المتوارثة ، وذلك مهما عصفت بنا الأحداث والظروف ، وهذه كانت الغاية الأساسية من مجمل ما طرحته في المقال . وأما فيما يتعلق بأوضاعنا الإجتماعية .... فكما يدرك الجميع ، نعم هنالك معاناة .. بل معاناة شديدة ، وأنا أول المقرين بذلك ، كما أن بعضاً من مشاكلنا ذو طابع تراكمي منذ أمد طويل مما تجذر في مختلف الشؤون الحياتية اليومية لأفراد جاليتنا ـ وهذا قدرنا بلاشك ـ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد ، من المسؤول عن كل هذه المعاناة التي أصبحت واقعاً تراجيدياً مريراً في بعض مشاهدها ؟.
قد نستطيع تحميل هذا الطرف أو ذاك بجزء من المسؤولية ولكننا نظل ـ نحن أبناء الجالية ـ نتحمل الجزء الأكبر من تلك المسؤولية بلا منازع ، أليست هذه حقيقة بعينها ؟ وهذا البلد بدوره الذي نعيش على ترابه وأرضه ونستظل بأمنه ورخاءه ، وننعم برعاية قادته وحكومته منذ عقود ، قد وفر لنا الشيء الكثير لتحسين أوضاعنا ولا يزال يبذل مساعيه وجهوده على كافة الأصعدة لنكون على مستوى شعوب الدول التي تحترم الحقوق الأساسية لمواطنيها ، لأن جذور مشكلتنا تكمن في إطار هذه الحقيقة المغيبة . وفي هذا السياق قد يكون هناك من يحاول أن يطرح السؤال التالي ، أليست المملكة العربية السعودية بوزنها الحضاري الكبير قادرة على إحتواء مشاكلنا ومعاناتنا في هذا البلد لإعتبارت إنسانية ؟ وعطفاً على هذا السؤال نستطيع أن نقول .. نعم .. أنها قادرة على فعل ذلك بكل تأكيد ، غير أننا نعتقد أيضاً في نفس الوقت أن بلداً بمكانة المملكة العربية السعودية لديها مسؤوليات أدبية تجاه الشعوب الإسلامية كافة وخاصة الأقليات ، لذلك نحن كمن يوصف ـ برجل الشارع ـ قد لا نستطيع إستيعاب كل ما تتخذه الدولة من إجراءات وتدابير لأنها ذات أبعاد إستراتيجية ، و تراعى فيها المصالح والمفاسد لكافة الأطراف . وحيث أننا لسنا بمعزل عن مشاكل جماعتنا في وطننا الأم ، فإن الدولة ـ رعاها الله ـ تحرص دائماً في تعاطيها مع مسائلنا على أن لا يكون هناك ضرر لبني جلدتنا في ديارنا ، من وراء إجراءاتها ، وبخاصة فيما يتعلق بمستقبل هويتنا القومية المهددة بالإندثار على أيدي عصابات نظام رانجون ، وهذا الأمر لا يفهمه كثيرون منا للأسف ، وبالتالي يجهد نفسه في تفسير ما لا يفسر .
وبالرغم مما ذكرت وأشرت إليه آنفاً ، فإن أوضاعنا في هذا البلد ستظل مستقرة وهادئة بكل المعايير وبل أفضل بمائة مرة عن أوضاع الجاليات البرماوية المقيمة في بلدان أخرى ، ومن هنا ظهور حالات التذمر في إنفعالات البعض لا يعد مقبولاً تحت أي ظرف أو مبرر ، واسمح لي هنا أن أكون أكثر صراحة في توضيح ما أعنيه ، ومن المعروف أن جاليتنا إكتسبت شهرة فريدة ومميزة في هذا البلد ألا وهي كثرة الحفاظ في وسط شبابها ـ كما تطرق إليها الأخ صلاح عبد الشكور في أحد موضوعاته هنا في المنتدى ـ نعم هذه حقيقة تشرف الجالية وترفع من شأنها في المجتمع الذي نعيش فيه ، وعليه نحمد الله ونشكره .
بيد أنه وإستغلالاً لهذه الشهرة أن يأتي شخص غريب ومجهول ليتقمص شخصية ( حافظ كتاب الله ) ليعلن تأييده وبإسم الحفظة البرماويين في مكة المكرمة ، لواحد من رموز الفتنة والإفساد ، الذي تخصص في ترويج وتسويق الأوهام في أوساط البسطاء والسفهاء الذين إنطلت عليهم حيله ، وذلك من خلال بوقه الدعائي المنطلق من أحد الجحور في لندن ـ وفق ما سمعه بعض منا مؤخراً ـ يعد سابقة خطيرة بكل المقاييس . وأنا هنا لا أدري هل هذا الشخص ينتمي فعلاً إلى الجالية البرماوية أم لا ؟ أو أنه مدسوس يحاول تشويه صورة الجالية البرماوية في المملكة ، أو أنه مراهق لا يعي ما يقول ولا يدري ما يدور حوله ، وفي كل الأحوال ، وبإفتراض أن هذا الشخص وأمثاله إن وجدوا في وسط جاليتنا ، يعد إنتكاسة حقيقة في سلوك وقيم بعض أفرادنا مما يستوجب الوقفة الجادة تجاهها . لأنه لولا حكمة وتفهم وإدراك ولاة أمورنا في هذه البلاد لمثل هذه التصرفات الصبيانية ، أو كنا في بلد غير هذا البلد لا سمح الله للحق بنا ضرر بالغ لا يمكن تصور عواقبه ، وأنا هنا أتساءل هل المعاناة أو الضغوط ـ كما أسميتها يا أخي (أبشركم) تبرر مثل التصرفات المشينة والغبية ؟ كلا ، لأننا كما أشرت إليه سابقاً ، عشنا في هذا البلد منذ ما يزيد عن نصف قرن ، وكان ذلك بإحتضان ورعاية قادة هذه البلاد الميامين ، ومهما طال الزمن أو قصر فإن مصيرنا هنا سيظل بيدهم حصراً دون غيرهم بإذن الله تعالى ، وهذا إيماننا وإعتقادنا ، وبالتالي محاولة هؤلاء المرجفين وأصحاب العاهات الفكرية ، لتوظيف وإستغلال أوضاعنا الإجتماعية في هذا البلد لصالح أجندتهم الخبيثة ، يعد أمراً بالغ الخطورة مما يستوجب الحذر واليقظة من الجميع .
قد تكون هناك شريحة من أبناء الجالية تتذمر من بعض ظروفنا الإجتماعية ومعاناتنا على نطاق واسع ، إلا أنني على عكس هؤلاء ، أرى أن بعضاً من نجاحنا وتفوقنا في هذا المجتمع قد أتى من رحم تلك المعاناة والظروف ، لأنها مدعاة لتفجر الطاقات والمواهب الكامنة ، ولو لا ها لما تميزنا عن الآخرين بحفظ القرآن الكريم ، الذي أصبح عنوانا بارزاً لمجتمعنا ، وأنا هنا أكاد أجزم ، على أن وجود أكثر من حافظ لكتاب الله في بيت كل برماوي ( وفق ما أشار إليه الأخ صلاح ) مرده معاناتنا الإجتماعية ، والذي يشك في كلامي هذا ، عيله إمعان النظر في المحيط الذي يعيش فيه ، لأنه كلما تحسن مستوى العائلة البرماوية مادياً ومعيشياً ، قل إرتباطها بالقرآن والعكس كذلك ( العلاقة العكسية) ، إذن أوضاعنا الإجتماعية هذه جعلت منا أكثر قرباً من كتاب الله ، ومن كان قريباً من كتابه فهو أيضاً قريب منه سبحانه وتعالى . لذا ينبغي علينا أن نحول ضعف حالنا إلى طاقة مبدعة ومتجددة ، وهو الطريق الأمثل بإذن الله .
أما فيما يتعلق بسؤالك الثاني والثالث ، كما تعلم يا أخي ( أبشركم ) أن مشكلتنا بدأت تتفاقم تدريجياً منذ أن تم نزع الإرادة والهوية من ذواتنا ، وذلك تمهيداً لإلغاء الشخصية ( الروهنجية ) كمفردة من مفردات الخارطة الإجتماعية في أراكان موطن أبائنا وأجدادنا ، مما عشنا فصولاً من الحياة في غاية من التعقيد ، وكان من أثرها السيئ ظهور أجيال عدة من أبناء الجالية البرماوية ، ممن فقدوا الهوية والإنتماء والثقافة والموروث ، مما كانوا عالة على المجتمعات المختلفة أينما حلوا وأقاموا ، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى ، وحيث أننا في هذا البلد الذي نعيش فيه منذ سنين طويلة ، أصبحنا ( متقولبين ) ـ إن صح التعبير ـ في إطار ثقافة وخصوصية معينة ، حتمت علينا ظروف الحياة أن نتكيف ونعيش على وقع تلك القولبة ، والحال كذلك ، فإنه لا مناص أن تضعف فينا روح ( الشخصية البرماوية ) ، مما أدى إلى زعزعة ثقتنا بأنفسنا كثيراً ، وبالتالي غلبت على شخصيتنا روح الإنهزام والإستسلام . لذلك فلا غربة في أن تجد في مجتمعنا مثل النماذج التي ذكرتها في ثنايا تساؤلاتك . والحل يكمن في إعادة برمجة ( الشخصية البرماوية ) وتشكيل هويتها وثقافتها من منطلق الثقة بالنفس ، وعلى ضوء المعطيات الجديدة الآن .
وأخيراً وليس آخراً .. أهمس في أذنك يا أخي (k.n.b) قائلاً .. إطمئن أنها فكرة برماوية خالصة صياغةً وكتابةً بدرجة مائة في المائة . ألم أذكر قبل قليل أننا أصبحنا عالة على الأخرين بسبب ضعف ثقتنا في أنفسنا ؟ لذلك يصعب علينا تصديق ما ننجزه بأيدينا أحياناً ، ولعل إنصراف ذهنك إلى الكتاب والروايين الكبار يندرج ضمن هذا الشعور ! وأما فيما يتعلق بوجهة نظرك عن عدم جدوى مدح المملكة العربية السعودية بصورة أكثر من اللازم ، فقد تكون هذه وجهة نظرك الخاصة بك ، غير أننا نقول دائماً أنه يجب علينا أن نكون أوفياء لهذا البلد ومخلصين له تحت أي ظرف أوحال ، سواء لبسنا الثوب والشماغ أو لبسنا الفوطة والقميص ، أو حتى كنا في أرض غير هذه الأرض ، لأنه أصبح إرتباطنا بهذه الأرض إرتباطاً عضوياً ، ويصعب على المتغيرات الآنية التفريق بيننا . وهكذا ينبغي أن يكون ديدننا ، ألست معي في هذا يا أخي ؟ وآسف على الإطالة .
مع تحيات أخيكم / عاشق الحرمين
وفي الواقع إنني لمست من خلال الردود والمشاركات في ثنايا التعليقات المصاحبة للموضوع ، إلتفاتة إيجابية من قبل شبابنا تجاه ما طرحته في الموضوع ، مما يدل على تطور الحس المعرفي وإزدياد الوعي والإدراك لما يحيط بهم من الظروف والأوضاع المستجدة ، وهذا في حد ذاته خطوة متقدمة تسجل لصالح أبنائنا في هذا المجتمع ، فبارك الله في الجميع .
وأخص هنا بالشكر والتقدير أخي ( أبشركم ) ـ نتمنى أن لا يطول غيابه عن المنتدى ـ لمبادرته بالمشاركة في الردود كأول متداخل ، حرصاً منه ـ على ما يبدو لي ـ من تعميم الفوائد من مثل هذه الطروحات الإيجابية ، وحرصه كذلك لفتح آفاق أرحب للمشاركة بالآراء والنقاشات الهادفة من قبل الجميع . وحيث أن مشاركته تضمنت بعض الأفكار البناءة وخاصة لطرحه ثلاثة تساؤلات هامة تتعلق بأوضاع جاليتنا في المملكة العربية السعودية ، وما برز عنها بعض الظواهر السلبية التي وقفت دائماً كحجر عثرة أمام تحقيق وبلورة الرؤية الإجتماعية الموحدة تجاه كل قضايانا المصيرية . وعليه فإنني هنا أحاول أن أطرح رؤيتي ووجهة نظري تجاه تلك الظواهر السلبية إنطلاقاً من مفاهيمي الخاصة ، ولعلها تصب في إتجاه البحث عن حلول ممكنة بشأنها ، والأمر برمته متروك لكل المخلصين من أبنائنا وشبابنا لطرح وبلورة ما يرونه منا سباً من منظور قناعاتهم وتجاربهم الشخصية تجاه بحث وإيجاد الحلول المنطقية لها ، ولست هنا من أجل الإنفراد بالرأي ، ولا بصدد الإحتكار للحقيقة ، وإن كان هنالك موقف يسجل لي لا يعدو كونه وجهة نظري المحضة .. ليس إلا .
أخي ( أبشركم ) فإنني هنا لم أرسم صورة وردية لأوضاع جاليتنا من خلال ما طرحته بل حاولت فقط أن أربط أجيالنا الصاعدة مع تاريخ هذا البلد العريق ، الذي يعد بحق ملحمة أسطورية خالدة ، يتجسد فيها كل معاني البطولة والإنجاز الحضاري بشكل قل ما نجد لها مثيلاً في تاريخ نشوء الأمم والشعوب ، ولاتزال تتوالى فصولها بأبدع صورها .
ولأننا ضمن صيرورة هذه الملحمة وإمتداد لحاضرها وما ضيها ـ شئنا أم أبينا ـ فإنه يجب علينا أن نتفاعل ونتواصل معها بكل إيجابية وواقعية وعلى كافة الأصعدة لنثبت للقاصى والداني أننا ما ضون بالتمسك بثوابتنا المتوارثة ، وذلك مهما عصفت بنا الأحداث والظروف ، وهذه كانت الغاية الأساسية من مجمل ما طرحته في المقال . وأما فيما يتعلق بأوضاعنا الإجتماعية .... فكما يدرك الجميع ، نعم هنالك معاناة .. بل معاناة شديدة ، وأنا أول المقرين بذلك ، كما أن بعضاً من مشاكلنا ذو طابع تراكمي منذ أمد طويل مما تجذر في مختلف الشؤون الحياتية اليومية لأفراد جاليتنا ـ وهذا قدرنا بلاشك ـ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد ، من المسؤول عن كل هذه المعاناة التي أصبحت واقعاً تراجيدياً مريراً في بعض مشاهدها ؟.
قد نستطيع تحميل هذا الطرف أو ذاك بجزء من المسؤولية ولكننا نظل ـ نحن أبناء الجالية ـ نتحمل الجزء الأكبر من تلك المسؤولية بلا منازع ، أليست هذه حقيقة بعينها ؟ وهذا البلد بدوره الذي نعيش على ترابه وأرضه ونستظل بأمنه ورخاءه ، وننعم برعاية قادته وحكومته منذ عقود ، قد وفر لنا الشيء الكثير لتحسين أوضاعنا ولا يزال يبذل مساعيه وجهوده على كافة الأصعدة لنكون على مستوى شعوب الدول التي تحترم الحقوق الأساسية لمواطنيها ، لأن جذور مشكلتنا تكمن في إطار هذه الحقيقة المغيبة . وفي هذا السياق قد يكون هناك من يحاول أن يطرح السؤال التالي ، أليست المملكة العربية السعودية بوزنها الحضاري الكبير قادرة على إحتواء مشاكلنا ومعاناتنا في هذا البلد لإعتبارت إنسانية ؟ وعطفاً على هذا السؤال نستطيع أن نقول .. نعم .. أنها قادرة على فعل ذلك بكل تأكيد ، غير أننا نعتقد أيضاً في نفس الوقت أن بلداً بمكانة المملكة العربية السعودية لديها مسؤوليات أدبية تجاه الشعوب الإسلامية كافة وخاصة الأقليات ، لذلك نحن كمن يوصف ـ برجل الشارع ـ قد لا نستطيع إستيعاب كل ما تتخذه الدولة من إجراءات وتدابير لأنها ذات أبعاد إستراتيجية ، و تراعى فيها المصالح والمفاسد لكافة الأطراف . وحيث أننا لسنا بمعزل عن مشاكل جماعتنا في وطننا الأم ، فإن الدولة ـ رعاها الله ـ تحرص دائماً في تعاطيها مع مسائلنا على أن لا يكون هناك ضرر لبني جلدتنا في ديارنا ، من وراء إجراءاتها ، وبخاصة فيما يتعلق بمستقبل هويتنا القومية المهددة بالإندثار على أيدي عصابات نظام رانجون ، وهذا الأمر لا يفهمه كثيرون منا للأسف ، وبالتالي يجهد نفسه في تفسير ما لا يفسر .
وبالرغم مما ذكرت وأشرت إليه آنفاً ، فإن أوضاعنا في هذا البلد ستظل مستقرة وهادئة بكل المعايير وبل أفضل بمائة مرة عن أوضاع الجاليات البرماوية المقيمة في بلدان أخرى ، ومن هنا ظهور حالات التذمر في إنفعالات البعض لا يعد مقبولاً تحت أي ظرف أو مبرر ، واسمح لي هنا أن أكون أكثر صراحة في توضيح ما أعنيه ، ومن المعروف أن جاليتنا إكتسبت شهرة فريدة ومميزة في هذا البلد ألا وهي كثرة الحفاظ في وسط شبابها ـ كما تطرق إليها الأخ صلاح عبد الشكور في أحد موضوعاته هنا في المنتدى ـ نعم هذه حقيقة تشرف الجالية وترفع من شأنها في المجتمع الذي نعيش فيه ، وعليه نحمد الله ونشكره .
بيد أنه وإستغلالاً لهذه الشهرة أن يأتي شخص غريب ومجهول ليتقمص شخصية ( حافظ كتاب الله ) ليعلن تأييده وبإسم الحفظة البرماويين في مكة المكرمة ، لواحد من رموز الفتنة والإفساد ، الذي تخصص في ترويج وتسويق الأوهام في أوساط البسطاء والسفهاء الذين إنطلت عليهم حيله ، وذلك من خلال بوقه الدعائي المنطلق من أحد الجحور في لندن ـ وفق ما سمعه بعض منا مؤخراً ـ يعد سابقة خطيرة بكل المقاييس . وأنا هنا لا أدري هل هذا الشخص ينتمي فعلاً إلى الجالية البرماوية أم لا ؟ أو أنه مدسوس يحاول تشويه صورة الجالية البرماوية في المملكة ، أو أنه مراهق لا يعي ما يقول ولا يدري ما يدور حوله ، وفي كل الأحوال ، وبإفتراض أن هذا الشخص وأمثاله إن وجدوا في وسط جاليتنا ، يعد إنتكاسة حقيقة في سلوك وقيم بعض أفرادنا مما يستوجب الوقفة الجادة تجاهها . لأنه لولا حكمة وتفهم وإدراك ولاة أمورنا في هذه البلاد لمثل هذه التصرفات الصبيانية ، أو كنا في بلد غير هذا البلد لا سمح الله للحق بنا ضرر بالغ لا يمكن تصور عواقبه ، وأنا هنا أتساءل هل المعاناة أو الضغوط ـ كما أسميتها يا أخي (أبشركم) تبرر مثل التصرفات المشينة والغبية ؟ كلا ، لأننا كما أشرت إليه سابقاً ، عشنا في هذا البلد منذ ما يزيد عن نصف قرن ، وكان ذلك بإحتضان ورعاية قادة هذه البلاد الميامين ، ومهما طال الزمن أو قصر فإن مصيرنا هنا سيظل بيدهم حصراً دون غيرهم بإذن الله تعالى ، وهذا إيماننا وإعتقادنا ، وبالتالي محاولة هؤلاء المرجفين وأصحاب العاهات الفكرية ، لتوظيف وإستغلال أوضاعنا الإجتماعية في هذا البلد لصالح أجندتهم الخبيثة ، يعد أمراً بالغ الخطورة مما يستوجب الحذر واليقظة من الجميع .
قد تكون هناك شريحة من أبناء الجالية تتذمر من بعض ظروفنا الإجتماعية ومعاناتنا على نطاق واسع ، إلا أنني على عكس هؤلاء ، أرى أن بعضاً من نجاحنا وتفوقنا في هذا المجتمع قد أتى من رحم تلك المعاناة والظروف ، لأنها مدعاة لتفجر الطاقات والمواهب الكامنة ، ولو لا ها لما تميزنا عن الآخرين بحفظ القرآن الكريم ، الذي أصبح عنوانا بارزاً لمجتمعنا ، وأنا هنا أكاد أجزم ، على أن وجود أكثر من حافظ لكتاب الله في بيت كل برماوي ( وفق ما أشار إليه الأخ صلاح ) مرده معاناتنا الإجتماعية ، والذي يشك في كلامي هذا ، عيله إمعان النظر في المحيط الذي يعيش فيه ، لأنه كلما تحسن مستوى العائلة البرماوية مادياً ومعيشياً ، قل إرتباطها بالقرآن والعكس كذلك ( العلاقة العكسية) ، إذن أوضاعنا الإجتماعية هذه جعلت منا أكثر قرباً من كتاب الله ، ومن كان قريباً من كتابه فهو أيضاً قريب منه سبحانه وتعالى . لذا ينبغي علينا أن نحول ضعف حالنا إلى طاقة مبدعة ومتجددة ، وهو الطريق الأمثل بإذن الله .
أما فيما يتعلق بسؤالك الثاني والثالث ، كما تعلم يا أخي ( أبشركم ) أن مشكلتنا بدأت تتفاقم تدريجياً منذ أن تم نزع الإرادة والهوية من ذواتنا ، وذلك تمهيداً لإلغاء الشخصية ( الروهنجية ) كمفردة من مفردات الخارطة الإجتماعية في أراكان موطن أبائنا وأجدادنا ، مما عشنا فصولاً من الحياة في غاية من التعقيد ، وكان من أثرها السيئ ظهور أجيال عدة من أبناء الجالية البرماوية ، ممن فقدوا الهوية والإنتماء والثقافة والموروث ، مما كانوا عالة على المجتمعات المختلفة أينما حلوا وأقاموا ، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى ، وحيث أننا في هذا البلد الذي نعيش فيه منذ سنين طويلة ، أصبحنا ( متقولبين ) ـ إن صح التعبير ـ في إطار ثقافة وخصوصية معينة ، حتمت علينا ظروف الحياة أن نتكيف ونعيش على وقع تلك القولبة ، والحال كذلك ، فإنه لا مناص أن تضعف فينا روح ( الشخصية البرماوية ) ، مما أدى إلى زعزعة ثقتنا بأنفسنا كثيراً ، وبالتالي غلبت على شخصيتنا روح الإنهزام والإستسلام . لذلك فلا غربة في أن تجد في مجتمعنا مثل النماذج التي ذكرتها في ثنايا تساؤلاتك . والحل يكمن في إعادة برمجة ( الشخصية البرماوية ) وتشكيل هويتها وثقافتها من منطلق الثقة بالنفس ، وعلى ضوء المعطيات الجديدة الآن .
وأخيراً وليس آخراً .. أهمس في أذنك يا أخي (k.n.b) قائلاً .. إطمئن أنها فكرة برماوية خالصة صياغةً وكتابةً بدرجة مائة في المائة . ألم أذكر قبل قليل أننا أصبحنا عالة على الأخرين بسبب ضعف ثقتنا في أنفسنا ؟ لذلك يصعب علينا تصديق ما ننجزه بأيدينا أحياناً ، ولعل إنصراف ذهنك إلى الكتاب والروايين الكبار يندرج ضمن هذا الشعور ! وأما فيما يتعلق بوجهة نظرك عن عدم جدوى مدح المملكة العربية السعودية بصورة أكثر من اللازم ، فقد تكون هذه وجهة نظرك الخاصة بك ، غير أننا نقول دائماً أنه يجب علينا أن نكون أوفياء لهذا البلد ومخلصين له تحت أي ظرف أوحال ، سواء لبسنا الثوب والشماغ أو لبسنا الفوطة والقميص ، أو حتى كنا في أرض غير هذه الأرض ، لأنه أصبح إرتباطنا بهذه الأرض إرتباطاً عضوياً ، ويصعب على المتغيرات الآنية التفريق بيننا . وهكذا ينبغي أن يكون ديدننا ، ألست معي في هذا يا أخي ؟ وآسف على الإطالة .
مع تحيات أخيكم / عاشق الحرمين
التعديل الأخير:
اسم الموضوع : أشكر كلاً من ......................
|
المصدر : .: ساحة الرأي :.
