فوضى الألقاب العلمية ! 
د .رياض بن محمد المسيمري
الإمام ، العلامة ، المحدث ، الأصولي ، الشيخ ، العالم ، طالب العلم ، القارئ ، المقرئ,الأديب, ألقاب علمية أصبحت في عصرنا هذا كلأًً مباحاً لكل أحد فكل من أحب شخصاً أطلق عليه ما يحلو له من الألقاب !
وكلُّ من كره آخر جرّده من كلّ الألقاب!
وإنك لتجد بعضهم يطلق هذه الألقاب ويجود بها أو يبخل ، مع انه لم يذق للعلم طعماً ولم يشّم له رائحة ! 
حتى إنّك لترى بعض حدثاء الأسنان ، ممن لم تنبت عارضاه, أو يسوّد شاربه يجعل من فلان إماماً ، ومن زيد محدثاً ، ومن عمرو مفسراً , دون علم أو هدى أو كتاب منير ! 
بل لمجرد الهوى والغرور الفاحش، ولو سألت أحدهم كبيراً كان أو صغيراً ، ما معاييرك في إطلاق لقب " العلاّمة" أو "المحدث" أو " الأديب " على فلان أو فلان لحار جوابا ، وفغر فاهاً !! 
إنَّ الألقاب العلمية يا مسلمون ليست بهذه البساطة التي يتعامل بها البعض! 
إنها شهادة وتزكية يسأل عنها العبد يوم القيامة ، وفي إطلاق بعضها على من لا يستحقها غش وتلبيس على الخلق ! 
كما إن حرمان أربابها منها تفويت لمنفعة عظيمة ، وتمرير لفائدة جسيمة إذ بمعرفة الناس لأهل العلم الكبار ذوي المنافع المتعددة, والعلوم المتنوعة انتشار للخير ، وتحريض للناس للإفادة من علوهم ، والاستزادة من فنونهم ! 
ومن عجب امتداد الجرأة على الألقاب العلمية حتى تنازعوا في استحقاق بعض العلماء الأولين لبعض تلك الألقاب ! 
فتنازعوا في إمامة القرطبي لأشعريته, وفي براعة الزمخشري لاعتزاليته, وفي ثقافة ابن حزم لظاهريته, ونحن لا نقلل من شأن المذهب الأشعري وخطورته ، ولا من الاعتزال وشؤمه, ولا من الظاهرية وجمودها ولكن التورط في شيء من البدع والمناهج السقيمة لا ينبغي أن يُبخس معه الحقوق كلها ، وتطوى الفضائل برمتها فالله يقول : 
** وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الأنعام152
هاهو (الجامع لأحكام القرآن) للقرطبي شاهد على سعة علومه وكثرة فنونه !
وها هو (الكشاف) للزمخشري برهان ساطع على متانة قلمه وسعة اطلاعه !
وها هو (المُحلى) لابن حزم دليل واضح على روعة أبحاثه ودقة مناظراته ! 
والمقصود إن الانشغال بتصنيف العلماء وتوزيع الألقاب شأنُ العلماء الراسخين وليسع صغار الطلبة تقليد الأكابر الأولين فيما أطلقوه من الألقاب على إخوانهم من أهل العلم والفضل .. 
وأما المعاصرون فلهم من يعرف قدرهم ، وينزلهم منازلهم ، ومن كان في عافية من التلقيب والتصنيف فليحمد الله . ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ياكريم.
منقول