من الهموم التي تؤرقنا كثيراً في الجالية البرماوية .. وتعيق مسيرتها الإصلاحية
 
( الإنفصام بين شيوخ الجالية وشبابها )
 
فهناك فجوة ظاهرة وواضحة بين كبار السن والشباب في الجالية .. والتي عكست سلبيا على أرض الواقع وظهرت جليّاً أثناء تنفيذ البرامج الإصلاحية .. في صور عدّة أفرزت بسببها فقدان الثقة بين جيلين كبيرين ومهمين في الجالية :
1- جيل المهاجرين ومن ورائهم من المتعلمين والمولويين ..
2- جيل المواليد والذي انتهلوا تعليمهم وبنو ثقافاتهم من معين التعليم في بلاد التوحيد ..
 
أبعاد هذه المشكلة وصورها - وأخص الكلام في الجانب الإصلاحي وليس في الأمور الخاصة كالأمور العائلية الداخلية - فهذا له مجال آخر :
 
البعد الأول : عدم احترام الآراء المتبادلة بين الشريحتين : فتجد شريحة الكبار والمولويين أسلوبهم مستبد دائماً وكلمتهم تحترم ويؤخذ بها سواءً اقتنع الطرف الثاني أم لا .. تعلو ولا تنزل .. كلها " حل وعقد " ، وهذا الشيء الذي يرفضه الجيل الثاني تماماً ، وإن أمضاه أمضاه على مضض بدون قناعة تامة ، فقط من باب التقدير والإحترام ، والذي هو الآخر ينهز إذا ظهر بعد فترة خطأ الرأي الذي ألزم به ..
وفي المقابل تجد ردّ الفعل طبيعيّاً من جيل المواليد الصاعد وخاصة الذين خرجوا من قوقعة البرمنة إلى العالم المعرفي الفسيح واندمجوا مع المجتمع الذي ولدوا فيه .. فتجدهم يحبذون تنفيذ آرائهم بدون الرجوع إلى الكبار ، ويتحاشون استشارتهم والأخذ بآرائهم متوقعين من أول وهلة أنها تحطم رغباتهم وتصادم تطلّعاتهم المستقبلية .. بل يرون من البداوة والرجعية إقحام الكبار في تطلعاتهم وأمنياتهم وخططهم الإصلاحية في الجالية ، بل يصورون الجيل السابق بأنهم عقبة كؤودة دون ترقيهم وترقي الجالية لضيق عطنهم في أفق التفكير .. ومن هنا يظهر البعد الثاني ..
 
البعد الثاني : فقدان الإستشارة بين الجيلين : وهذا فيه أبعاد سلبية حتى من الناحية الإجتماعية والخلقية .. لأن عدم إشراك العقول المجربة - جيل الكبار - والتي اتخذت الحياة مدرسة لأنماط التفكير عندها .. في العملية الإصلاحية التي يفكر فيها الطاقات الحية - جيل الشباب - ويقومون بتنفيذها بين فترة وأخرى .. يخرج عملاً بدون روح أو كما نسميه - مافيه بركة - وإن كان ناجحاً ، لأنه سرعان ما يواجه رياحاً عاتية وكماً من النقد وعدم الإعتراف بالمبذول .. بل تصل إلى حد التسفيه والتأليب ضد هذا المنجز .. فلذلك سرعان ما تتحطم المشاريع الإصلاحية لدى الطاقات الحية في الجالية دائماً على صخرة اليأس .. وتتهاوى مع كثرة المواجهات .. وهنا يأتي البعد الثالث ..
 
البعد الثالث : فقدان الإحترام وعدم اعتراف كل جيل بالعملية الإصلاحية لدى الجيل الآخر : من ينكر ؟؟ دور الكبار والمولويين في حفظ الهوية الإسلامية لدى البرماويين وتوجيههم الوجهة التاريخية الخالدة بالهجرة إلى الحرمين الشريفين .. ومن ينكر دورهم في وضع بذرة المدارس الخيرية وتوجيه أبنائهم إلى الكتاتيب وحلقات التحفيظ والذي يفاخر به - الجيل الصاعد - الآن أنّ من أعظم مفاخرهم كثرة الحفظة و المحفظين .. فهذه المنجزات كلها من مخرجات الجيل الاول ولا يختلف عليها إلاّ مكابر .. ولكن الواقع في حال - الجيل الصاعد - عدم الإعتراف أو إسدال الستار على هذا الفصل المهم من العملية الإصلاحية .. إضافة إلى ذلك تمسك - الجيل الأول - وتعصبهم على بعض الموروثات المستمدة من الثقافات التي كانت مهيمنة ومازالت على بلادهم ، وفيها بعض الأخطاء التي كان من المفترض أن ينبذوها بعد وصولهم إلى منبع الهدى والرسالة بلاد التوحيد والحديث ، وخاصة الأمور المتعلقة بالعقيدة والتعصب المذهبي وبعض الخرافات المستمدة من الهند .. ناهيك عن بعض العادات والتقاليد التي لا تنسجم مع البيئة الجديدة ، هذه كلها أحدثت بوناً وبعداً من الجيل الصاعد عن الجيل الأول .. بل هجوماً ونقداً وحرباً مكاشفاً على المنابر في فترة مضت ..
وكانت ردة الفعل أيضاً طبيعة من الجيل الأوّل .. وهو عدم اعترافهم واحترامهم وتأييدهم لمخرجات الجيل الصاعد .. مهما بلغت لغتها الإصلاحية .. وترجمتها الحرفية بالبرامج التطبيقية الرائعة ..
بل حكمهم على أيّ مراجعة أو اعتراض من الشباب أنّه - قلّة أدب - بل وصمهم للشباب بعدم درايتهم وفهمهم لأوضاع الجالية .. فأصبح العرف والمفهوم السائد عندهم ، أنّ كلّ من لم يشب عارضاه في الإسلام هو صغير .. وإن بلغ من العلم والإدراك ما بلغ ...
 
وعلى أية حال فالواقع الجديد والمرحلة الحالية التي تعيشها الجالية في مكة المكرمة والمدينة المنورة ( بالأخص ) يشهد رقيّاً كبيراً وواقعاً رائعاً لإلتقاء الجيلين وإنسجامهما من جديد ولكن هذه المرة على مفاهيم صحيحة مبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة .. وعلى أسس إدارية عالمية في بناء هذا الكيان الحي من جديد .. والحمد لله الجميع مستبشر ومتفاءل من هذا الإلتقاء المبني على الإحترام المتبادل بين الجيلين وعلى هذه اليقظة الرائعة والحضور الشعوري المرموق في الجالية ويحمدون عليه ..
 
وانتظروا تكملة هذا الموضوع :
1- منهج النبي الكريم والقائد المحنك - صلى الله عليه وسلم - التربوي في بناء الأجيال وربط الشباب بالكبار ..
2- كيف نحافظ على هذا الكيان ( الجالية البرماوية وتكاتفها ) ونجعله أنموذجاً مثالياً للأمة جمعاء ..
								( الإنفصام بين شيوخ الجالية وشبابها )
فهناك فجوة ظاهرة وواضحة بين كبار السن والشباب في الجالية .. والتي عكست سلبيا على أرض الواقع وظهرت جليّاً أثناء تنفيذ البرامج الإصلاحية .. في صور عدّة أفرزت بسببها فقدان الثقة بين جيلين كبيرين ومهمين في الجالية :
1- جيل المهاجرين ومن ورائهم من المتعلمين والمولويين ..
2- جيل المواليد والذي انتهلوا تعليمهم وبنو ثقافاتهم من معين التعليم في بلاد التوحيد ..
أبعاد هذه المشكلة وصورها - وأخص الكلام في الجانب الإصلاحي وليس في الأمور الخاصة كالأمور العائلية الداخلية - فهذا له مجال آخر :
البعد الأول : عدم احترام الآراء المتبادلة بين الشريحتين : فتجد شريحة الكبار والمولويين أسلوبهم مستبد دائماً وكلمتهم تحترم ويؤخذ بها سواءً اقتنع الطرف الثاني أم لا .. تعلو ولا تنزل .. كلها " حل وعقد " ، وهذا الشيء الذي يرفضه الجيل الثاني تماماً ، وإن أمضاه أمضاه على مضض بدون قناعة تامة ، فقط من باب التقدير والإحترام ، والذي هو الآخر ينهز إذا ظهر بعد فترة خطأ الرأي الذي ألزم به ..
وفي المقابل تجد ردّ الفعل طبيعيّاً من جيل المواليد الصاعد وخاصة الذين خرجوا من قوقعة البرمنة إلى العالم المعرفي الفسيح واندمجوا مع المجتمع الذي ولدوا فيه .. فتجدهم يحبذون تنفيذ آرائهم بدون الرجوع إلى الكبار ، ويتحاشون استشارتهم والأخذ بآرائهم متوقعين من أول وهلة أنها تحطم رغباتهم وتصادم تطلّعاتهم المستقبلية .. بل يرون من البداوة والرجعية إقحام الكبار في تطلعاتهم وأمنياتهم وخططهم الإصلاحية في الجالية ، بل يصورون الجيل السابق بأنهم عقبة كؤودة دون ترقيهم وترقي الجالية لضيق عطنهم في أفق التفكير .. ومن هنا يظهر البعد الثاني ..
البعد الثاني : فقدان الإستشارة بين الجيلين : وهذا فيه أبعاد سلبية حتى من الناحية الإجتماعية والخلقية .. لأن عدم إشراك العقول المجربة - جيل الكبار - والتي اتخذت الحياة مدرسة لأنماط التفكير عندها .. في العملية الإصلاحية التي يفكر فيها الطاقات الحية - جيل الشباب - ويقومون بتنفيذها بين فترة وأخرى .. يخرج عملاً بدون روح أو كما نسميه - مافيه بركة - وإن كان ناجحاً ، لأنه سرعان ما يواجه رياحاً عاتية وكماً من النقد وعدم الإعتراف بالمبذول .. بل تصل إلى حد التسفيه والتأليب ضد هذا المنجز .. فلذلك سرعان ما تتحطم المشاريع الإصلاحية لدى الطاقات الحية في الجالية دائماً على صخرة اليأس .. وتتهاوى مع كثرة المواجهات .. وهنا يأتي البعد الثالث ..
البعد الثالث : فقدان الإحترام وعدم اعتراف كل جيل بالعملية الإصلاحية لدى الجيل الآخر : من ينكر ؟؟ دور الكبار والمولويين في حفظ الهوية الإسلامية لدى البرماويين وتوجيههم الوجهة التاريخية الخالدة بالهجرة إلى الحرمين الشريفين .. ومن ينكر دورهم في وضع بذرة المدارس الخيرية وتوجيه أبنائهم إلى الكتاتيب وحلقات التحفيظ والذي يفاخر به - الجيل الصاعد - الآن أنّ من أعظم مفاخرهم كثرة الحفظة و المحفظين .. فهذه المنجزات كلها من مخرجات الجيل الاول ولا يختلف عليها إلاّ مكابر .. ولكن الواقع في حال - الجيل الصاعد - عدم الإعتراف أو إسدال الستار على هذا الفصل المهم من العملية الإصلاحية .. إضافة إلى ذلك تمسك - الجيل الأول - وتعصبهم على بعض الموروثات المستمدة من الثقافات التي كانت مهيمنة ومازالت على بلادهم ، وفيها بعض الأخطاء التي كان من المفترض أن ينبذوها بعد وصولهم إلى منبع الهدى والرسالة بلاد التوحيد والحديث ، وخاصة الأمور المتعلقة بالعقيدة والتعصب المذهبي وبعض الخرافات المستمدة من الهند .. ناهيك عن بعض العادات والتقاليد التي لا تنسجم مع البيئة الجديدة ، هذه كلها أحدثت بوناً وبعداً من الجيل الصاعد عن الجيل الأول .. بل هجوماً ونقداً وحرباً مكاشفاً على المنابر في فترة مضت ..
وكانت ردة الفعل أيضاً طبيعة من الجيل الأوّل .. وهو عدم اعترافهم واحترامهم وتأييدهم لمخرجات الجيل الصاعد .. مهما بلغت لغتها الإصلاحية .. وترجمتها الحرفية بالبرامج التطبيقية الرائعة ..
بل حكمهم على أيّ مراجعة أو اعتراض من الشباب أنّه - قلّة أدب - بل وصمهم للشباب بعدم درايتهم وفهمهم لأوضاع الجالية .. فأصبح العرف والمفهوم السائد عندهم ، أنّ كلّ من لم يشب عارضاه في الإسلام هو صغير .. وإن بلغ من العلم والإدراك ما بلغ ...
وعلى أية حال فالواقع الجديد والمرحلة الحالية التي تعيشها الجالية في مكة المكرمة والمدينة المنورة ( بالأخص ) يشهد رقيّاً كبيراً وواقعاً رائعاً لإلتقاء الجيلين وإنسجامهما من جديد ولكن هذه المرة على مفاهيم صحيحة مبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة .. وعلى أسس إدارية عالمية في بناء هذا الكيان الحي من جديد .. والحمد لله الجميع مستبشر ومتفاءل من هذا الإلتقاء المبني على الإحترام المتبادل بين الجيلين وعلى هذه اليقظة الرائعة والحضور الشعوري المرموق في الجالية ويحمدون عليه ..
وانتظروا تكملة هذا الموضوع :
1- منهج النبي الكريم والقائد المحنك - صلى الله عليه وسلم - التربوي في بناء الأجيال وربط الشباب بالكبار ..
2- كيف نحافظ على هذا الكيان ( الجالية البرماوية وتكاتفها ) ونجعله أنموذجاً مثالياً للأمة جمعاء ..
        اسم الموضوع : هموم برماوية ( 2 )
            |
        المصدر : .: ساحة الرأي :.
        
			
					
				
				