لماذا اختار الله البرماويين لسكنى البلد الحرام ؟؟
 هذا السؤال سؤال تعجّب !! لا سؤال اعتراض على ما قدره الله واختار ، لأنّه سبحانه وتعالى : (( يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب )) و له الحكم المطلق (( له الحكم وإليه ترجعون )) (( ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين )) و (( لا يسئل عمّا يفعل وهم يسئلون )) ..
فإذا علمنا هذا ، وعلمنا أيضاً أن لله في كلّ شيء حكمة .. وأنّ فعل الحكيم لا يخلو من حكمه .. ومن حكمته أن جعل لكل شيء سببا ..
فلله الإختيار المطلق سبحانه وتعالى يقسم بما يشاء وبمن يشاء تعظيماً له .. والعظيم سبحانه وتعالى لا يقسم إلاّ بعظيم ..
ومن اختياره المطلق .. اختياره وتشريفه لأقوام دون أقوام بميزات ومناقب وبنعم وتقديمهم على غيرهم ببعض المنن .. كرامة وفضلاً منه سبحانه وتعالى وحده وليس لأحد فيها فضل ولا منّة و لا يد .. قال الله تعالى : (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عمّا يشركون )) .. والأمثلة في الشرع كثيرة .. كإصطفاء الله للعرب .. واختيار الله للأوس والخزج أنصاراً لنبينا صلى الله عليه وسلم دون غيرهم .. واختياره للأيوبين لفتح بيت المقدس .. وهكذا يختار الله من يختار لمهمة ورسالة ، ثمّ يهيء لهم الأسباب وينعم عليهم بالمقومات كي يحققوا مراده سبحانه وتعالى في الأرض ، ويخدمون دينه وعقيدته وينشرون شرعته .. وربما يينعم الله على أقوام ويفتح عليهم من الدنيا ، لا حبّاً فيهم .. ولكن استدراجاً لهم حتّى إذا أخذهم لم يفلتهم .. ويأخذهم بعدله على صنيعهم أخذ عزيز مقتدر ..
أما اختيار الله أقواماً لمقاصد شرعية فهذا لا يكون إلاّ توفيقاً من الله لهم .. وهذا التوفيق مرتبط بالمقاصد والنيات وما وقر في القلب من إيمان وتصديق ..
ومن اختياره سبحانه وتعالى المطلق .. اختيار جيران بيته المعظم قبلة الدنيا ومهوى الأفئدة ومهبط الوحي ومنبع الهدى .. ولله في خلقه شؤون .. وفعل الحكيم لا يخلو من حكمة ..
تسائل ؟؟ ووقفة تأمّل !!
كم هي الدول والأقليات الإسلامية التي أضطهدت في العالم ؟؟ بالطبع كثيرة ومازال المسلسل مستمراً !! وكم أولئك الذين هجّروا من بلادهم وأخرجوا من ديارهم قسراً في العالم ؟؟ الجواب كثيرون ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه !! ما هو السر وراء توفيق الله للروهنجيين الأراكانيين من بورما للهجرة إلى الحرمين دون غيرهم ؟؟ وهم يبعدون عن مكة آلاف الأميال وبين الحرم وبينهم مفازات تنقطع دونها الأماني فضلاً عن الأنفس والأرواح !!؟ (( يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامر يأتين من كلّ فجٍّ عميق )) على أرجلهم مشياً رجالاً وعلى ظهور الدواب وحاويات البضائع وعلى الزوارق واللواري على كلّ ضامر أتوا من هناك من فجٍّ عميييييق من بورما !!
مع أنه كان بإمكانهم أن يستقرّوا في بعض الدول المجاورة التي لا تبعد طبيعة أرضهم الخضراء عن طبيعة أرض أراكان الخلاّبة ذات الأنهار والفيافي والظلال .. ومع هذا اختاروا الهجرة إلى (( واد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم )) هل هذا التوفيق أتى هكذا جزافاً بدون أسباب ؟؟!!
تأمل معي في قول الله تعالى : (( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلنّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون )) هل كان هذا الوعد من الله المؤيد بالوحي كان هكذا جزافاً .. لا والله !! فلذا لمّا صدّوا عن البيت عام الحديبية .. يئست بعض النفوس وقد طال عليهم إنتظارهم وشوقهم إلى مكة .. بيّن الله لهم أنّ تأخيرهم هذا عن عامهم هذا كان لسبب في علم الله ، إمّا كان بسبب شيء كان نفوسهم فأراد الله أن يهيئهم أكثر بتأخيرهم .. فلذا قال الله تعالى بعده (( فعلم ما لم تعلموا )) من الخيرة والمصلحة في صرفكم عن مكة ودخولكم إليها عامكم هذا مالم تعلموه أنتم (( فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً )) أي في تأخيركم فتحاً مبيناً ..
فكذلك اختيار الله لسكنى مكة أناسا دون أناس .. هذا في علم الأزل لايعلم حكمته إلاّ الله (( فعلم مالم تعلموا )) .. وكما قال الله تعالى : (( إنّ الذي فرض عليك القرآن لرآدّك إلى معاد قل ربّي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين )) لرآدك إلى معاد أي إلى مكّة على أحد الأقوال .. ولكن لمن تكون له عاقبة الدار معك وبعدك ومن الذي يقع عليه الإختيار .. هذا في علم الله (( قل ربّي أعلم )) قال ابن كثير رحمه الله - : قل : ربّي أعلم بالمهتدي منكم ومنّي !! وستعلمون لمن تكون له عاقبة الدار .. ولمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة .. أ.هـ
ولو نظرنا بعين التأمل .. لوجدنا أنّ هناك دول وأقليات مضطهدة .. لا تفصل بينها وبين المملكة سوى نقطة التفتيش .. ولا يحول بينهم وبين البيت سوى أميال بسيطة .. ولكن لم يختارهم الله كما اختار الروهنجيين الأراكانين من بورما !! لمجاورة بيته العتيق ؟؟ وفعل الحكيم لا يخلو من حكمة ..
حداهم الشوق إلى مجاورة بيته العتيق .. فأتت الأنفس زحفاً والقلوب شوقاً والأرواح لهفةً .. وألسنتهم تنادي وأرواحهم في أكفهم وهم بين الحياة والموت في الفلوات والقفار .. يحدون بنداء واحد " مكه .. مكّه " ..
ما سرّ هذا التوفيق الرباني .. حتىّ غدوا بعد ذلك .. جزءا لا يتجزّأ من نسيج المجتمع المكي .. ومن أكبر الجاليات فيها .. بل وصل عددهم قرابة الربع مليون من سكان مكة وجيران البيت ..
تساؤل أضعه بين أيديكم يالبرماويين !! وهمسة أهمس بها في أذن كلّ ذي لبّ !! ونداء أدوّي به في السماء التي أظلت البرماويين في بلد الله الحرام ..
وتذكروا .. أنّ فعل الحكيم لا يخلو من حكمة .. ومن حكمته جلّ في علاه أن جعل لكلّ شيء سببا ..
فما هو السبب وما هو السر ؟؟
من خلال جلوسي مع كبار السن والمهاجرين الأولين .. ونزولي في الساحة ببرامج دعوية واجتماعية مع إخواني .. ومعاشرتي الطويلة لجميع طبقات وشرائح الجالية .. خرجت أنّ السبب والسر يكمن في قضيتين .. وفق الله عليهما الجالية دون غيرهم ..
فماهما القضيتان ؟؟
أترك الساحة لفرسان النزال .. وأبناء التوبة والأنفال .. الكلّ يدلو بدلوه .. وبعدها سأعود إليكم لذكر القضيتين بالدليل ..
والآن الميكرفون عندكم !!
								
									التعديل الأخير: 
								
							
						
						
	
					
        اسم الموضوع : هذا شرفكم يالبرماويين ؟؟ الحلقة ( 1 )
            |
        المصدر : .: زاد المسلم :.
        
			
					
				
				